أجرت وكالة فرات للأنباء لقاءً مع ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في بلدان الخليج العربي سيهانوك ديبو والذي أوضح في البداية قائلاً:"أن الإصرار على إبقاء سوريا دولة مركزية سيفضي إلى طريق مسدود، وأن كل ما بطرح اليوم من "إعلان دستوري" أو "انتخابات برلمانية" أو إجراءات شكلية باسم "الانتقال السياسي"، لا يعكس إرادة الشعب السوري، بل يكرس الأزمة ويعمق الانقسام الوطني.
ونوه إلى أن الحكومة السورية المؤقتة أخطأت عندما تمسكت بالنموذج ذاته، مضيفاً: "لا يمكن القبول بنظام شديد المركزية بعد كل ما مرت به سوريا. الأزمة كانت حتمية، والانفجار كان لا بد أن يحدث، لأن الدولة بنيت منذ بدايتها على فرض هوية قومية مركزية دون أخذ رأي السوريين، بدءاً من اتفاقية سايكس بيكو، مروراً بمؤتمر القاهرة 1921، إلى اتفاقية لوزان 1923".
وتابع: "سوريا دولة تمتد جذورها الحضارية لسبعة آلاف عام، لكن الجغرافيا السياسية الحالية فرضت قسراً وفق مخططات الهيمنة العالمية. لذلك فإن الحل الحقيقي يبدأ من إعلان دستوري جديد يُؤسس لدولة ديمقراطية تعترف بجميع مكوناتها، وتحل قضاياها القومية، وعلى رأسها القضية الكردية، باعتبارها قضية وطنية بامتياز يجب أن تكرس كمادة دستورية مصونة ضمن دستور سوري حديث".
نموذج الدولة المركزية يعيد إنتاج الكارثة
وحذر ديبو من إن إعادة إنتاج النظام السابق بنماذج أكثر تشدداً في المركزية سيؤدي إلى تفكك سوريا وتفاقم حالة الانقسام الوطني، مؤكداً أن التنوع القومي والطائفي والديني في سوريا يتطلب صيغة حكم تشاركية تضمن تمثيلاً حقيقياً لكافة المكونات.
وقال: "نحن لا نتحدث عن محاصصة ولا عن تقاسم كعكة السلطة، بل عن تمثيل واقعي لمجتمع متعدد القوميات. سوريا ليست دولة قومية أحادية، بل دولة متعددة القوميات والديانات والمذاهب، ويجب أن يُترجم هذا التنوع في الدستور وفي هيكل الحكم".
الإدارة الذاتية: جوهر المعادلة السورية
واعتبر ديبو أن مشروع الإدارة الذاتية يشكل جوهرة المعادلة السورية، وذلك في شقين: الأول من خلال تأسيس قوات سوريا الديمقراطية كقوة وطنية وإقليمية حمت السيادة السورية وواجهت الإرهاب، والثاني من خلال بناء مؤسسات إدارية وثقافية واجتماعية جسدت تطلعات الشعب السوري نحو التغيير منذ انطلاقة ثورته عام 2011 تحت شعار "الشعب يريد التغيير".
وتابع: "الادعاءات التي تقول إن الإدارة الذاتية مشروع تقسيمي هي ادعاءات باطلة. الواقع أن من يهاجمون هذا المشروع هم من يعملون على تقسيم سوريا فعلياً، من خلال فرض نماذج دينية أو قومية لا تعكس حقيقة المجتمع السوري".
وشدد على أن سوريا بلد لكل القوميات والإثنيات والطوائف، وأن اللامركزية هي الحل الوحيد لضمان وحدة البلاد واستقرارها، وقال: "لو أُجري استفتاء شعبي في عموم سوريا، فأنا على يقين أن الأغلبية ستختار اللامركزية، وستدعم مشروع الإدارة الذاتية، مع تصحيح الأخطاء التي تراكمت خلال سنوات التجربة".
وبين ديبو أن الإدارة الذاتية منفتحة على الحوار منذ بداية الأزمة، وكانت تطرق باب دمشق منذ اللحظة الأولى، ولا تستقوي بأطراف خارجية، بل تعتمد على شعوب ومكونات سوريا. وقال: "نحن لسنا في مواجهة مع أحد، بل في سعي دائم نحو شراكة وطنية حقيقية تقوم على قاعدة المواطنة المتساوية".
وأضاف: "لا يمكن أن نتحمل عشر سنوات أخرى من المركزية المتطرفة. ما جرى في الساحل، وما يحدث الآن في السويداء، يؤكد الحاجة الماسة إلى نموذج حكم جديد، والإدارة الذاتية تثبت يوماً بعد آخر أنها صيغة واقعية وفعالة للحل، ويمكن البناء عليها وفق القرار الدولي 2254".