فرضت جماعة أنصار الله (الحوثي) قيوداً جديدة مشددة على النساء والفتيات، تحظر عليهن امتلاك الهواتف الذكية واستخدام الإنترنت داخل المنازل وتشغيل الموسيقى، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وتقييد متعمد لحريات المرأة.
وكشفت وثيقة صادرة عن قيادات حوثية ومشايخ موالين للجماعة بتاريخ 25 يوليو 2025، عن سلسلة من الإجراءات التي تهدف ـ حسب تعبيرهم ـ إلى "الحفاظ على الأخلاق والقيم"، من بينها منع النساء والأطفال من استخدام الهواتف الذكية، وتغريم الأسر التي تسمح بذلك بمبلغ يصل إلى 1900 دولار أمريكي (ما يعادل مليون ريال يمني).
كما منحت الوثيقة من يُسمّون بـ "زعماء القبائل" صلاحيات واسعة تشمل مصادرة معدات الواي فاي (Wi-Fi) من المنازل.
وشملت الإجراءات الجديدة أيضاً حظر تشغيل الأغاني والموسيقى في المناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزفاف والخطوبة، ومنع استخدام مكبرات الصوت، مع فرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين.
ووفقاً للوثيقة، حُظر على النساء التنقل من الريف إلى المدينة أو السفر لمسافات طويلة دون مرافقة "محرم" من الأقارب الذكور، كما فُرضت غرامات تصل إلى 500 ألف ريال يمني على من يخالف هذا القرار، بما في ذلك سائقي السيارات.
وامتدت القيود إلى الحياة الاجتماعية والعادات الأسرية، حيث فرض الحوثيون تحديداً إجبارياً لمبالغ المهور للفتيات، سواء كنّ أبكاراً أو سبق لهن الزواج، في تدخل مباشر في شؤون الأسرة اليمنية.
وتواجه الوثيقة رفضاً شعبياً واسعاً، إذ أكد سكان محليون تعرضهم للتهديد بالاعتقال والطرد والغرامات في حال الاعتراض عليها. كما وصفت ناشطات هذه الإجراءات بأنها "عقاب جماعي يشبه السجن الجماعي للنساء"، مؤكدات أنها تحرمهن من حقوق أساسية كالتنقل والتواصل والتعليم.
وليست هذه الوثيقة الأولى من نوعها، إذ سبق أن أصدر الحوثيون تعليمات مماثلة في مناطق أخرى، كان أبرزها حظر استخدام الهواتف الذكية في صنعاء، وفرض ارتداء "الشادور" الإيراني على الطالبات في المدارس.
ووفقاً لتقرير حديث صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن الحوثيين يواصلون توسيع دائرة القيود المفروضة على النساء في مناطق سيطرتهم، بما في ذلك حظر السفر والعمل، خاصة في القطاع الإنساني، ما أدى إلى تعطيل وصول الكثير من النساء إلى الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل.
وأفادت المنظمة بأنها وثقت شهادات 21 امرأة يمنية عن حجم المعاناة اليومية التي تواجههن بسبب هذه القيود، وأكدت أن بعضها يخالف التزامات اليمن الدولية مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
من جهتها، أشارت منظمة "سام للحقوق والحريات" إلى أنها وثقت أكثر من 4000 انتهاك ضد النساء اليمنيات منذ عام 2015، تمثلت في القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري. وذكرت أن جماعة الحوثي مسؤولة عن 70% من هذه الانتهاكات، بحسب تقاريرها.
ويؤكد تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أن النساء اليمنيات يعشن أوضاعاً وصفت بأنها "لا إنسانية"، خاصة في ظل تراجع التدخلات الدولية وغياب برامج تنموية فاعلة.
أصداء المرأة
أصداء المرأة
أصداء المرأة