ظهرت المشكلة الدرزية في سوريا فجأة، وحدث ما يشبه الحرب الأهلية في محافظة السويداء، اشتركت فيها مسلحون باسم “العشائر” والمتطرفون وبعض ممن يدينون بالولاء لنظام الحكم، والأعجب أن يتدخل الطيران الإسرائيلي في إلقاء قنابله بحجة حماية الدروز، في فاجعة ليست الأخيرة عند الدول العربية، وأصبح الدروز بين منحة البقاء ومحنة الولاء، كما سنرى، ولكن وقبل أن نسترسل نكتب قليلاً عن الطائفة الدرزية.
الدروز اسم مشهور على طائفة الموحدين لأنهم يعتقدون في نزاهة التوحيد الإسلامي على طريقتهم؛ ويعد الدروز، من الطوائف الإسلامية؛ يعيشون في دول الشام خاصةً سوريا ولبنان ثم داخل الدولة الإسرائيلية.
وهم مؤمنون بمذهب التوحيد ذو التعاليم الباطنية، وتعود أصوله إلى الإسماعيلية إحدى المذاهب الإسلامية، ويطلقون على أنفسهم اسم أهل التوحيد أو الموحدين، ويؤمن الدروز بالشهادتين، أن لا إله إلا الله وأن مُحمّدًا رسول الله؛ ولكن يُنظر إليهم من قبل بعض المتشددين من المسلمين على أنهم كفار؛ رغم أن الأزهر الشريف أصدر مؤخراً فتوى تؤكد انتماء الدروز إلى الإسلام، كما صدرت فتوى من مفتي الجمهورية السورية اعتُبر فيها الدروز والعلويين والإسماعيليين مسلمين؛ ولكن تبقى نظرة الشعوب في المنطقة على أنهم خونة بسبب تعامل بعضهم مع الحكومات الإسرائيلية وخدمتهم بالجيش الإسرائيلي، ولذلك وفي الوقت نفسه هناك العديد من الفتاوى التي تكفّر الدروز وتخرجهم من البيت الإسلامي، في سوريا مؤخرًا؛ وتمنع حقهم في تقرير مصيرهم.
وينتسب الدروز إلى الداعي الفاطمي الاسماعيلي أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن دراز؛ ولكن تبقى شخصية داعي الدعاة حمزة بن علي هي المحورية والأكثر تأثيراً في طائفة الموحدين، ويطلق مصطلح شيخ العقل على رجال الدين والدروز، فالدروز في النهاية من الفرقة الإسماعيلية الباطنية التي تقول أنها من أتباع ونسل محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وعقيدتهم تقول بعودة المهدي المنتظر في صورة الحاكم بأمر الله.
ويعتقد الدروز بأن الله واحد أحد وهو المتحكم الأزلي في الكون، وإنه المنزه وفوق وصف العباد له؛ لأن العقل البشرى قاصر عن إدراك أمر عظيم كصفات الله؛ والمذهب الدرزي غير تبشيري؛ فهم منغلقون على أنفسهم.؛ وهو جدل فقهي وعقائدي، يطول البحث عند الكتابة عنه، وفي كل الأحوال تلك عقيدتهم وعلينا احترامها.
دور الدروز العربي في الثورات العربية
يمتلك الدروز تاريخًا حافلاً مشرفاً بالمشاركة في الثورات العربية، حيث قادوا ثورات ضد الاستعمار الفرنسي وشاركوا في الثورة العربية الكبرى، مما يبرز دورهم في الدفاع عن القضايا العربية، ويحرص الدروز على الحفاظ على هويتهم العربية، من خلال التمسك بالتقاليد العربية، مع الاحتفاظ بخصوصيتهم الثقافية والاجتماعية.
ولعل أبرز المشاركات الدرزية في الشأن العربي العام هي وجود قيادة درزية فعالة؛ حيث يعتبر سلطان باشا الأطرش المنتمي للطائفة الدرزية هو القائد الوطني للثورة السورية الكبرى التي اندلعت في سورية ضد الاستعمار الفرنسي في 21 تموز عام 1925؛ مع ثوار جبل العرب في جنوب سوريا.
الدروز وإسرائيل
تبقى علاقة الدروز مع الدولة الإسرائيلية نقطة جدل في علاقة الدروز مع الدول العربية؛ وعموماً نرى أن العلاقة بين الدروز وإسرائيل هي علاقة معقدة ومتعددة الأوجه، فعلى الرغم من أن الدروز في إسرائيل يعتبرون مواطنين إسرائيليين ويخدم العديد منهم في الجيش الإسرائيلي، إلا أنهم يعانون أيضًا من التمييز والتهميش، بالإضافة إلى ذلك، هناك انقسام داخل المجتمع الدرزي حول قضية الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي والولاء لإسرائيل، فوفق القانون الإسرائيلي؛ فإن الدروز في إسرائيل غير كاملي المواطنة ويشكك قادة إسرائيل في ولائهم؛ ولعل هذا ما أدى وفي ظل التطورات في محافظة السويداء لإعلان نحو 2000 درزي في الجيش والأمن الإسرائيليين استعدادهم للقتال إلى جانب دروز سوريا لإثبات ولائهم، وبالتالي لم ينَل الدروز منحة وثقة اليهود، ولا منحة وثقة العرب.
إن الخطر ما يزال قائماً طالما فيه ضيق العنصرية وفساد مناخ الحريات، في دول منطقة الشرق الأوسط، والطريق الأمثل هو طريق الأمة الديمقراطية كما يطالب بها القائد عبد الله أوجلان كما كتبنا وكتب غيرنا عن ذلك المفهوم المتسامح بعيداً عن المحن والمنح.
...... نقلاً عن صحيفة روناهي