بث تجريبي

ما المتوقع بعد الحل السلمي للقضية الكردية في تركيا؟

حل القضية الكردية في تركيا بطريقة سلمية وعادلة يمكن أن تكون له تأثيرات كبيرة على علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي وعملية التنمية الداخلية. سنورد هنا بعض النتائج المتوقعة:

  1. 1. العلاقة مع الاتحاد الأوروبي:

– تحسين صورة تركيا:

إذا تمكنت تركيا من حل القضية الكردية والاستثمار السياسي في مبادرة القائد عبد الله أوجلان السلمية عبر الحوار السياسي واحترام حقوق الكرد (مثل الحقوق الثقافية واللغوية)، فقد يؤدي ذلك إلى تحسين سمعتها الدولية، خاصةً في أوروبا التي تهتم بحقوق الإنسان والشعوب.

 – تسريع مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي:

 القضية الكردية كانت واحدة من العوائق أمام انضمام تركيا للاتحاد الأوربي، حيث انتقدت أوروبا سجل أنقرة في مجال الحريات وحقوق الشعوب. إن حل القضية الكردية قد يفتح الباب لمزيد من التقدم في المفاوضات.

  1. التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تركيا:

  – استقرار المناطق الكردية:

حل النزاع سيُسهم في استقرار مناطق باكور كردستان، مما يشجع الاستثمارات المحلية والأجنبية ويعزز التنمية الاقتصادية في هذه المناطق.

  – تقليل الإنفاق العسكري:

تركيا تنفق مليارات الدولارات سنوياً على الهجمات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، وإن إنهاء الصراع سيُحرر موارد مالية يمكن توجيهها نحو التعليم، البنية التحتية، والرعاية الصحية.

 – تعزيز الوحدة الوطنية:

 حل القضية الكردية عبر الحوار قد يقلل من الانقسامات الاجتماعية ويعزز الانتماء الوطني بين الكرد والأتراك، مما سينعكس إيجاباً على الاستقرار السياسي والاجتماعي.

  1. تحديات محتملة:

 – معارضة القوميين الأتراك: أي حل يتضمن تنازلات للكرد قد يواجه مقاومة من التيارات القومية في تركيا، مما قد يسبب توترات داخلية.

– تأثير العوامل الإقليمية:

القضية الكردية مرتبطة بكرد سوريا والعراق وإيران، وأي حل في تركيا قد يؤثر على ديناميكيات الصراع في تلك الدول، من المهم القول بأنه إذا تم حل القضية الكردية بشكلٍ شامل وعادل، فسيكون لذلك آثار إيجابية كبيرة على علاقات تركيا الخارجية. خاصةً مع الاتحاد الأوروبي. كما سيدعم ذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، لكن التحديات السياسية والاجتماعية قد تعقد عملية الحل وتتطلب إدارة حكيمة من الحكومة التركية.

 نجاح مبادرة السلام الكردية في تركيا يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية عميقة على الداخل التركي، خاصةً في مجالات، التنمية، والسلم الأهلي.

اذكر أيضاً بعض التأثيرات المحتملة:

  1. الاقتصاد والتنمية:

  – كما أسلفت آنفاً فإن استقرار المناطق الكردية بعد إنهاء الصراع سيشجع على الاستثمار في المناطق الجنوبية الشرقية (ذات الأغلبية الكردية)، والتي تعاني من التخلف الاقتصادي بسبب سنوات من العنف وعدم الاستقرار والإهمال الحكومي. أن زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحسن الأمن سيجذب رؤوس الأموال إلى مشاريع البنية التحتية، الطاقة، والزراعة، مما يعزز النمو الاقتصادي الوطني ويسهم في ترسيخ الأمن والسلم المجتمعي، والانخراط في التنمية المستدامة التي تعتمدها الدولة في أنحاء تركيا الأخرى.

  – تقليل الإنفاق العسكري والأمني وهذا يعني توجيه الموارد المخصصة للعمليات العسكرية نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مما يخفف العبء على الميزانية التركية، ويوفر فرص عمل للكثير من الشباب والشابات في مجالات التجارة، الصناعة، والزراعة، فضلاً عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة المُدرة للربح.

من المتوقع جداً أن تنشط السياحة في المناطق التي كانت متأثرة بالصراع الكردي – التركي آمد “ديار بكر” وجنوب شرق الأناضول، يمكن أن تصبح وجهات سياحية، مما يدر عائدات اقتصادية كبيرة على اقتصاد الدولة والأهالي على حدٍ سواء. الأمر الذي يشعر معه المراقبون بنتائج مبادرة السلام وآثارها العظيمة بعد أربعة عقود من الصراع العسكري المتبادل.

إن قيمة السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي تتجلى في مجالات ونواحي عدة منها:

 – تقليل التوترات العرقية: فحل النزاع سيُسهم في تعزيز الثقة بين الأتراك والكرد، ويقلل من خطاب الكراهية والاستقطاب السياسي، ويعزز الوحدة الوطنية من خلال إدماج المواطنين الكرد في الحياة السياسية والاجتماعية بشكلٍ كامل وهو ما يمكن أن يقوي الانتماء الوطني، كذلك حسين الخدمات العامة فمع انحسار العنف يمكن للحكومة التركية تحسين الخدمات التعليمية والصحية في المناطق الكردية، مما يقلل الفجوة التنموية بين المناطق على مساحة خارطة الدولة التركية.

أود هنا أن أشير إلى مسألة تنطوي على قدر كبير من الأهمية ألا وهي مسألة إطلاق سراح السجناء السياسيين وإعادة دمج المقاتلين:

وفي هذا الصدد يمكن أن يسهم ذلك في المصالحة الوطنية ويقلل من الاحتقان الاجتماعي، وهنا علينا أن نحذر من التحديات المحتملة، والمتمثلة في معارضة القوميين الأتراك المتشددين لأي تنازلات تمنح للكرد.

ربما تنطوي على صعوبة تحقيق توازن بين مطالب الكرد (مثل الحكم الذاتي أو الاعتراف الثقافي) والمحافظة على وحدة الدولة التركية، وهذا الرأي غالباً ما تضعه القوى المضادة كذريعة كاذبة أكثر منه قرباً من الواقع وجوهر ومصداقية مبادرة السلام ذاتها.

 هناك أيضا خطر استمرار نشاط المجموعات المسلحة الرافضة للسلام، وأنا شخصياً أستبعد وجود هكذا مجموعات. لما عرف عن مقاتلي حزب العمال الكردستاني من انضباط والتزام بأوامر قادتهم.

مرةً أخرى أرى أن من نافلة القول بأنه إذا نجحت مبادرة السلام الكردية، فستكون لها انعكاسات إيجابية كبيرة على الاقتصاد التركي والتماسك الاجتماعي، لكنها تتطلب إرادة سياسية قوية وتوافقاً وطنياً لضمان نجاحها على المدى الطويل.

...... نقلاً عن صحيفة روناهي

قد يهمك