بث تجريبي

بدون إحراج/ سيد أبواليزيد يكتب: لوزان إمرالي وأوجلان.. حرية الشرق الأوسط.. قتل موزع على الزمن

آن الأوان للتوصل إلى حلول للقضية الكردية، خاصة وأنها تُعد من أكثر الملفات تعقيدًا بمنطقة الشرق الأوسط، والتي تشهد تحولات وصراعات من أجل الهيمنة على الإقليم.

بالأمس القريب، تم الاحتفال بمرور قرن من الزمان على إعدام القائد والبطل الكردي الشيخ سعيد بيران، والذي يُعد أيقونة النضال الكردي، وشنقه مع رفاقه في 28 يونيو 1925، بسبب قيامه بثورة كردية هزت عرش الجمهورية التركية، فضلًا عن تصديه لمؤامرات لوزان 1923.

ويُعد الشيخ سعيد نموذجًا للرجل القومي المتحمس لتقرير مصير وطنه، بمعاونة جمعية آزادي، والتي نظمت الثورة وقادتها، حيث اكتسبت القضية الكردية منذ هذه اللحظة أهمية دولية، رغم الطابع الاستعماري لمعاهدة سيفر 1920، والتي عكست سياسات الدول الكبرى في الشرق الأوسط، لا سيما في تحديدها لوضعية الحركة الكردية التحررية ومستواها، والتي لم يعد في الإمكان تجاهلها.

وإذا كانت معاهدة سيفر قد عززت وضعية كردستان من منظور القانون الدولي، فإن مخرجات معاهدة لوزان أدت إلى ضرب الحركة الكردية القومية، ومنعت الكرد من دولة مستقلة، وحرمتهم من تقرير المصير، وقسمتهم إلى 4 دول، وحالت دون تحقيق هوية قومية موحدة.

أعتقد أن خط البطل والقائد الشيخ سعيد اكتسب معناه الحقيقي عندما يقترن بنموذج الأمة الديمقراطية للقائد عبدالله أوجلان في الوقت الراهن.

ولفهم طبيعة النظام العالمي الجديد، ينبغي الالتفات إلى ما قرره القائد آبو، والذي تعرض لمؤامرة دولية بعد اختطافه واحتجازه وأسره بجزيرة إمرالي، التي يعتبرها نظامًا ثلاثي الأعمدة، يشمل عمودًا بالولايات المتحدة الأمريكية، وآخر في أوروبا، والثالث في تركيا، في هذا السجن شديد الحراسة المرتبط بالنظام الدولي ويعبر عنه. وفي هذا السجن نحن أمام خطط واضحة للعيان في التعامل مع القائد عبدالله أوجلان، قائمة على القتل الموزع على الزمن، وهذا يُعتبر أعمق وأقسى وأكبر تعذيب.

ولا يمكن إغفال التصريحات الصادرة عن الجانب التركي إزاء المفكر الأممي عبدالله أوجلان، من اعترافهم بأنهم يستهدفون إيذاءه بعدم قتله ليوم واحد، ولكن بقتله يوميًّا.

ومن المتصوَّر أن الخطط المرتبطة بهذا الشكل تستهدف إما الخنوع أو الانتحار، ولكن القائد آبو تغلب عليها بعدم التركيز فيها، بقدر اهتمامه بقيمة الوقت، ونجح في تحويل 25 عامًا بسجن إمرالي إلى ساحة لمقاومة تاريخية وبحث وتقييم منهجي عميق، كانت شاهدة على الإنتاج النظري والعملي على حد سواء، حيث إن الكتب التي طلبها القائد آبو لأجل بحوثه، باتت في الوقت نفسه مكتبة كبيرة وتاريخية، وبمثابة هدية للسجن.

ومن الأهمية إدراك أن النضال ضد النظام الإمرالي إنما يُعد نضالًا ضد النظام الدولي، لذا ينبغي على الذين يتضررون من هذا النظام بحث مدى إمكانية التوجه صوب إمرالي لتحقيق الحداثة الديمقراطية ويمثلها القائد آبو على حساب الحداثة الرأسمالية.

ومن المؤكد أن اتجاه تركيا والإسراع بإطلاق سراح أوجلان، إذا حدث إنما يُمثل نقطة محورية مهمة لتحسين صورة تركيا دوليًا، نحو احترام حقوق المكونات، مما يُخفف الضغوط الأوروبية بشأن سجن إمرالي، وبما يُسهم في إعادة رسم موازين القوى في الشرق الأوسط عقب 52 عامًا من الحرب، راح ضحيتها أكثر من 50 ألف قتيل، فضلًا عن الأضرار الاقتصادية الضخمة.

كما أنها تمهد الطريق لإعادة فتح قنوات السلام المنهارة منذ نحو 9 سنوات، بجانب استثمار خطاب أوجلان نحو نداء السلام، والذي يُعد تغييرًا واضحًا في ديناميكيات القوى بين الكرد والأنظمة الإقليمية، ويؤثر على علاقات تركيا.

نحن أمام فرصة تاريخية لوقف تصاعد العنف الداخلي، وفتح أبواب أمام إصلاحات سياسية وثقافية للكرد داخل تركيا.

كما أن الفرصة مواتية للوصول إلى إعادة ضبط الاستقرار الإقليمي، من سوريا وحتى أوروبا، خاصة إذا تم التوجه نحو تجربة جديدة بين الكرد والدولة التركية منذ انطلاق دعوة التعايش وربطها بالديمقراطية الحقيقية.

قد يهمك