إن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل في 24 يونيو 2025، بعد 12 يوماً من التصعيد العسكري المتبادل، يعد تحولاً جيوسياسياً مهماً في الشرق الأوسط. فأهم المتغيرات الناتجة عن هذا التطور، أولاً إعادة رسم ميزان القوى العسكرية، وتدمير جزئي للبنية النووية الإيرانية.
أدت الضربات الأمريكية والإسرائيلية إلى تدمير جزئي للبنية التحتية النووية الإيرانية؛ مما جعلها "عاجزة عن صنع سلاح نووي" على حد تعبير نائب الرئيس الأمريكي. وقد وصفت إسرائيل هذا الإنجاز بأنه "قضاء على تهديد وجودي".
تفوق إسرائيلي تكتيكي
وأعلنت إسرائيل تحقيق "سيطرة جوية كاملة على سماء طهران" وتدمير "عشرات الأهداف العسكرية الإيرانية" ، ما يعزز موقعها كقوة عسكرية مهيمنة، وانا أرى عكس ذلك.
رد إيراني غير متوقع
رغم إطلاق إيران صواريخ قبل دقائق من سريان وقف إطلاق النار (مثل هجوم بئر السبع الذي أسفر عن سقوط ضحايا)، إلا أن تأثيرها كان محدوداً (خمسة قتلى فقط) مقارنة بالضرر الذي لحق بها، ولكنه يؤكد إرادة في القتال والمطاولة والتحول النوعي في التكتيكات الصاروخية التي فاجأت اسرائيل.
تحول أدوار القوى الدولية:
- القيادة الأمريكية : مثل دور ترامب محورياً في الوساطة. حيث زعم أن كلا الطرفين "اتصلا به للسلم"، كما أشادت ألمانيا وهولندا واليابان بالدور الأمريكي.
- دور قطري: لعبت قطر دور الوسيط الرئيسي بين واشنطن وطهران. خاصة بعد الهجوم الإيراني على قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر .
ردود دولية حذرة:
رحبت الصين والدول الأوروبية بالاتفاق لكنها دعت إلى "حل سياسي"، بينما أيد الكرملين وقف إطلاق النار لكنه شكك في استمراريته .
تأثيرات إقليمية متباينة
- ترحيب عربي متحفظ:
رحبت السعودية ومصر والأردن بالاتفاق، ووصفته مصر بأنه "نقطة تحول نحو إنهاء المواجهة العسكرية"، لكن بعض التحليلات أشارت إلى "غياب دور عربي فاعل" أثناء الأزمة.
- استمرار التوترات الجانبية:
فقد حذر الأردن من أن الاستقرار الإقليمي مرهون بحل القضية الفلسطينية. بينما تستمر الحرب في غزة رغم وقف إطلاق النار الإيراني-الإسرائيلي .
- تصاعد الخطاب الإيراني الداخلي:
ادعى الحرس الثوري الإيراني أنه "لقّن إسرائيل درساً لا ينسى" ، بينما حذّر محللون محليون من أن النظام الإيراني "مكشوف عسكرياً".
تحديات استدامة الاتفاق
- مخاطر انتهاك الهدنة:
حذرت إسرائيل من أنها "سترد بقوة على أي خرق" . خاصة بعد الهجمات الإيرانية الأخيرة. كما اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي إيران بانتهاك وقف إطلاق النار فور إعلانه .
- شكوك حول دوام الاتفاق:
وصف أفيغدور ليبرمان (حزب إسرائيل بيتنا) الاتفاق بأنه "مؤلم ومرير"، وحذر من أنه قد يؤدي إلى "حرب جديدة خلال 2-3 سنوات".
- غياب آليات سياسية:
لا يتضمن الاتفاق آليات تفاوضية دائمة، ما يجعله هشاً. كما أن الخلافات الجوهرية مثل البرنامج النووي الإيراني ودعم (الميليشيات) الإقليمية لم تحل .
وحسب اعتقادي فاني أرى بأننا ذاهبون نحو نظام إقليمي جديد..؛ إذ يمثل وقف إطلاق النار نقطة تحول في الشرق الأوسط، لكنه يترك أسئلة كبرى:
- هل سيتحول إلى سلام دائم؟... التحذيرات الإسرائيلية والادعاءات الإيرانية تشير إلى هشاشة الوضع .
- ما مصير المشروع النووي الإيراني...؟ حيث أن تدمير المنشآت النووية قد يدفع إيران إلى مفاوضات جديدة أو يدفعها لتعويض القدرات النووية ببرنامج صاروخي .
- ور القوى الصاعدة:
بروز قطر كوسيط، وتفاعل دول مثل الصين والهند، قد يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية بعيدا عن الثنائيات التقليدية .
ليس آخرا فإن المتغير الأهم سيكون هو تحوّل الولايات المتحدة إلى الضامن الرئيسي للأمن الإقليمي. مع إضعاف جوهري لإيران نووياً وعسكرياً. لكن هذا لا يضمن استقراراً طويل الأمد دون حل القضايا الجوهرية كالملف النووي والصِراع الفلسطيني.
من زوايا العالم
من زوايا العالم
منبر الرأي
منبر الرأي