تفاعل النظام التركى مع دعوة المفكر الكردى عبدالله اوجلان المعتقل منذ نحو26عامابسجن جزيرة امرالى والمتعلقة (بنداء السلام ) والتى تقوم علي الحلول السياسية بديلا للغة السلاح واتاحة الفرص امام جهود التسوية والحوار تمثل فرصة تاريخية وجادة ومكسب للجميع نظرا لانها تعد ضمانة لوقف نزيف العنف وعقود من الصراع المسلح حيث لا يمكن ترسيخ حالة اللا عنف مع الكرد دون اتخاذ خطوات حقيقية نحوالديمقراطية.
كما انها تعتبر فرصة واقعية امام حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية للخروج من المأزق الذى يواجههما سواء علي المستوى السياسي الخارجى او الداخلي ولتعويض الخسائر الواسعة علي مستوى الدعم الشعبي وبخاصة خلال الانتخابات المحليه القادمة وذلك اذا ما كانت رغبتهما قائمة علي المنافسة بكل جدية مما يستلزم اتخاذ سلسلة من الخطوات لتعويض الخسائر قبل
الانتخابات العامة المقبلة والتى تستهدف تخفيف الأضرار السياسية والاقتصادية المتسببان فيهما حيث لايمكن نسيان ان غياب الحل للقضية الكردية كلف تركيا اكثر من ١٠ تريليونات دولار بشكل يهدد انهيار الاقتصاد رغم انه لايمكن قياس تكلفة الأرواح بالمال.
وبسبب الحروب والضغوط السياسية انخفضت القدرة الاستثمارية والانتاجية لتركيا وتم التجاهل للفساد والمصروفات غير العاديه تحت مسمى مكافحة الارهاب وكل ذلك كان له تاثير سلبي وبدلا من أنفاق الميزانية لصالح الشعب تم توزيعها بين صناعات الحرب والقوات شبه العسكرية
ولا يمكن اغفال انه لا يحق لاردوغان الترشح للمرة الثالثة الا بتعديل دستورى وفي الوقت الذى لا يملك فيه تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية الاغلبية البرلمانية اللازمة لإجراء تعديلات دستورية
ومن الاهمية ادراك الحاجة الملحة للديمقراطيه في تركيا باعتبارها السبيل للوصول الى سلام دائم ومستدام مع الكرد وتجنب حدوث فوضى سياسية داخليه وصراعات اكثر في الوقت الذي يشهد فيه الشرق الاوسط تحولات جذرية حاليا خاصة بعد ان بدات النظم الشمولية تتهاوى خلال الفترة الاخيرة
ومن المؤكد ان قرار حزب العمال الكردستانى بحله
يمثل منعطفا مهما للكشف عن نوايا النظام التركى في التعامل مع الملف الكردى بعيدا عن المقاربة الامنية البحته ولذلك لاتزال الكرة في ملعب الحكومة التركية لما يسفر عنها من مبادرات بخطوات فعلية لإثبات حسن النوايا في التفاعل ايضا مع خارطة الطريق الشاملة التى اطلقها القائد الكردى عبدالله اوجلان للتوصل الي حل دائم لعملية السلام بعد اجراء حملة إعلامية حولها ولاقت دعما واسعا من معظم مكونات المجتمع الكردى
واستمرار اعتقال اوجلان يعد رساله سلبيه رغم مبادرته السلمية كمسار وحيد لانهاء نزاع امتد لعقود من الزمان..حيث مد يد السلام للدولة التركية وبخاصة خلال الفترات التى كان فيها حزب العمال الكردستانى بأقوى حالاته وهو لايزال فاعلا وقويا بتركيا والعراق وايران ولم يتخل عن مواقعه رغم تعرضه للالاف من الغارات الجويه
ندرك ان المستفيد الأكبر من الحرب لا يريدون ان تنتهي الا ان وقف النزاع امر ممكن ومرتبط باتاحة الفرصة امام اوجلان للمشاركة في عقد مؤتمر نزع السلاح واتخاذ كافة الخطوات المرجوة والمستقبلية لاستعادة عملية السلام ولذلك من الاهمية تهيئة الظروف والمناخ المناسب الذى يسمح بعقد المؤتمر
بلاشك استمرار الصراع التركى الكردى وعدم إيجاد حل للقضية يؤشر الي الحفاظ علي الهيمنة الطبقية ولذلك من الضرورى التغلب علي معضلة اغتصاب الارادة السياسية حيث ان غياب الصورة الصحيحة والسليمة للتيارات السياسية التركية القومية واليمينية المتشددة غالبا ماتقوم علي تصوير التقارب بين الكرد والأتراك ماهو الا هزيمة للأخير بشكل يؤدى الى تعكير الاجواء والعلاقة بين الطرفين في مشوار الوصول الى حل شامل ونهائى
كما ان عدم مقاومة حزب العدالة والتنمية للضغط المرسوم سلفا من الاوساط القومية التركية غالبا مايؤدى الى تراجع الاتفاق بين الطرفين الفاعلين في وطن واحد ومما يسهم في افشال اى مبادرة للسلام الشامل وليس أدل علي ذلك ما دعى الحكومة التركية لتغيير مواقفها. عقب التفجيرات الانتحارية والتى أعطت الفرصة لحزب العدالة والتنمية لتوجيه هذه الهجمات الجماعية بطريقة ما رغم انه كان من الممكن منعها
ومن الضرورى التوصل لحل سياسي يسمح لطرفي الصراع العيش معا بسلام حيث ان حزب العمال الكردستانى يدعم إنهاء الحرب التى تهدد الأجيال القادمة وبالتالي ليس هناك داعى لإغلاق القنوات السياسية الديمقراطية حيث يعنى ذلك ان عملية السلام وصلت لنهايتها
من المؤكد ان اجراء لقاءات من أجل إنهاء الحرب وتحقيق السلام بين الكرد والأتراك وتحقيق الديمقراطية مكسب للجميع والبداية المنتظرة من مؤتمر نزع السلاح يتبعه تفاوض رسمى مباشر وكلما اتسعت ساحة العمل السياسي كلما زادت آمال الديمقراطية.