أجاب عضو المجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، خبات أندوك عن أسئلة محرر وكالة هاوار الكردية أكرم بركات حول الوضع في سوريا. وفيما يلي جزء من نصّ الحوار:
* بعد سقوط نظام البعث ووصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة، ارتُكبت مجازر عديدة بحق العلويين والدروز وبعض المكونات الأخرى بما في ذلك المسيحيين. ومؤخراً، صرّح القائد عبد الله أوجلان بأنّ الرقة يجب أن تُصبح مركزاً للديمقراطية، لكي تخرج الإدارة الذاتية سوريا من هذه الأزمات، كيف يمكن أن تصبح الرقة مركزاً للديمقراطية؟
الآن هذا رمز ذكره قائدنا، نعم، لقد رحل نظام البعث، ولكن ماذا حلَّ مكانه؟ فهل زال الخطر عن الشعب والمرأة والمجتمع أم لا؟ لقد أنقذ نظام شمال وشرق سوريا الشعب حتى الآن من المجازر، لنتخيل ماذا كان سيحدث لو لم تقم ثورة روج آفا؟ كيف كان سيكون شكل سوريا؟ ماذا كان سيحدث للعلويين والإيزيديين والسريان والأرمن؟ إنّهم يهاجمون العلويين الآن لأنهم يرونهم غير منظمين، ويهاجمون الدروز كذلك لأنهم يجدون تنظيمهم محدوداً، فلماذا لا يستطيعون مهاجمة الكرد مباشرةً؟ لأنّ الكرد منظمون إلى حدٍّ ما، ولديهم نظام، وقد أثبتوا قدرتهم على المقاومة والتضحية بأنفسهم جميعاً في سبيل حياة حرة، لهذا السبب لا يهاجمون.
هذه المجزرة التي تُرتكب بحق العلويين والدروز والمسيحيين حالياً تشكل خطراً كبيراً على الكرد أيضاً، إنها تنذر بالخطر على الشعوب التي تشكل جزءاً من نظام شمال وشرق سوريا، والتي تدير نفسها بنفسها وتقرر مصيرها، لهذا السبب هم يواجهون خطراً حقيقياً، ولا شكّ أنّ على قيادة ثورة روج آفا أن تدرك هذا، إنها تقيّم هذه المسائل، وبقدر ما نتابع على وسائل الإعلام، هناك حالة من الحذر، لكن النظام الحالي الذي يفترض أنّه يريد حكم سوريا، هو شكلٌ آخر من داعش أو من القاعدة. وقد تحدّث بعض الرفاق عن هذه العملية، ماذا يعني هذا بالنسبة للنساء، وماذا يعني بالنسبة للمكونات المختلفة؟ إنّه يعتمد على أيديولوجية الهيمنة والفاشية، فإمّا أن تكون مثلهم أو لا تكون، ما يفعلونه إهانة كبيرة للمجتمعات، إنه هجوم كبير، والمطلوب من أهالي شمال وشرق سوريا ومن الشعب السوري عموماً، هو هذا فقط؛ تنظيم أنفسهم، وكسب المزيد من القوة وأن يثقوا بأنفسهم. عليهم تنظيم أنفسهم في إطار الدفاع الذاتي، فالمجتمعات غير المنظمة تواجه تهديداً كبيراً، لذا، لا تفكّروا أنّ الحرب طالت وأنّ الجميع سئموا من الحرب، فالمجتمعات مجبرة على الدفاع عن نفسها وكرامتها، ولهذا، من الضروري لهم تنظيم أنفسهم، في هذا الصدد، لثورة روج آفا تجربة وخبرة كبيرة، ويمكن أن تقود سوريا الديمقراطية، من الضروري ألّا تظلّ مسؤولة ضمن إطار ضيق، بل توسيع حدود مسؤوليتها لتشمل سوريا بأكملها، ففي النهاية، دور ثورة روج آفا هو للعالم أجمع.
"الاندماج هو اتفاق الدولة والمجتمع"
* يجري الحديث منذ فترة عن مفهوم الاندماج في سوريا، ويُساء شرحه وتفسيره في بعض وسائل الإعلام وبعض الأوساط، فما هو تفسيره الصحيح بحسب رأيكم؟
القائد هو من وضع هذه الكلمة على جدول أعمالنا إلى حد ما، فبأي سياق نستخدمها؟ نستخدمها في سياق الوحدة، أي وحدة؟ لقد ازداد العداء بين المجتمع والدولة، إذ تسعى الدولة دائماً إلى القضاء على المجتمع ودمجه، خاصةً عندما تكون هناك مجتمعات مختلفة داخل الدولة، على سبيل المثال، في الدولة التركية، هناك كرد وعلويون، وهي وتريد حلهم ودمجهم، لقد دمّرت المجتمعات، وتريد الآن حرمان الكرد من حقوقهم والقضاء على العلويين والدروز، وهذا يؤدي إلى عداء كبير، وتولد الأزمات، فدائماً ما يخلق حروباً بين المجتمعات والدول، كما أنّه لا يحقق أي نتائج.
ما نريده الآن هو ألّا يكون بين الدولة والمجتمع كل هذا العداء، ألا يتقاتلا، ألا يتورطا في حروب لا نهاية لها، ألا يخوضا حرباً لا تؤدي إلّا إلى الخسارة، هذا هو هدف الاندماج. مصالحة الدولة والمجتمع، بحيث تندمج الدولة أيضاً في المجتمع، أي أن تقبل الدولة أن لهذا المجتمع خصائص مختلفة، وأن له الحق في التعبير عن نفسه. على سبيل المثال، لديه لغة وتعليم وإدارة ذاتية، يجب على الدولة أن تقبل هذا، وعندما تقبل فإنّ المجتمع يقبل بالدولة، تقول: أنا لا أقاتل لتقسيمكم، أنا أقبل حكمكم حتى هذه النقطة، أي اعتبار متبادل، ومن لا يقبل هذا في الأساس هو الدولة، فالدولة تعدّ نفسها مسؤولة عن كل شيء، إنّها مصدر الضغط والقمع، لذا المطلوب من الدولة الآن الاعتراف بالحق في التعبير عن الذات وتنظيم المجتمع وإدارته. إذا قبلت الدولة هذا، يمكن للمجتمع أيضاً أن يندمج، والعنوان هنا أنّ المجتمعات هي من تندمج وليس الأفراد، ما يطرحونه في سوريا هو رغبتهم في الاندماج كأفراد، هذا غير ممكن، فالإنسان كائن اجتماعي وليس كائن منعزل، وما يقولونه ليس اندماجاً.
"تزايد مسؤوليات ثورة شمال وشرق سوريا"
* نحن الآن في شهر تموز أي في الشهر الذي انطلقت فيه ثورة شمال وشرق سوريا، هل لديكم أي رسالة لشعب شمال وشرق سوريا؟
قامت ثورة روج آفا بفضل الشهداء، فقد قدمنا عشرات الآلاف من الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى، نستذكرهم جميعاً بإجلال وامتنان، فثورة روج آفا ليست ثورة روج آفاي كردستان فقط، ولا ثورة شمال وشرق سوريا فقط، ولا ثورة سوريّة فقط، فقد شارك فيها رجال ونساء من شعوب مختلفة، وناضلوا وما زالوا يناضلون ويقدمون الشهداء، بالإضافة إلى ذلك، حظيت روج آفا بدعم كبير على المستوى العالمي، وهذا يعني أنه يتم تبنيها واعتبارها جزءاً منها، وطالما أنّها حظيت بكل هذا الدعم فهذا يعني أنّ ثورة روج آفا ثورة إنسانية، إنها ثورة للجميع.
أنا متأكد أنّ من صنعوا هذه الثورة، شعبنا في روج آفاي كردستان، وشعب شمال وشرق سوريا، يدركون ذلك ويعيشونه، إنّهم يدركون أنّه لا يمكن حصر مسؤوليتهم في إطار ضيق، إنهم يمثلون أملاً، يمثلون أمل الحياة الحرة. إنّ أنظار الجميع متجهة إليها، كيف يمكن للناس أن يعيشوا خارج الدولة، وأن يعيشوا على قدم المساواة وبكل حرية، وقد أظهرت ثورة روج آفا ذلك إلى حد ما، الآن، يقع عبء أكبر على عاتق شمال وشرق سوريا وروج آفاي كردستان، فقد زادت مسؤولياتهما. فمن المتوقع من روج آفا تعميق الثورة، وإخراجها من الإطار العسكري والسياسي وجعلها ثورة ثقافية، أي تغيير الحياة، وإظهار كيفية تنظيم المجتمع وكيفية تشكيل علاقات حيوية. لقد أظهر تكيف يمكن للإنسان أن يحمي وجوده وكيف يمكنه أن يقاوم ويدافع عن كرامته في خضم حرب ضروس ووسط المتوحشين وجميع أنواع الهجمات، في إطار تنظيم الدفاع الذاتي.
باختصار، لقد علمت الجميع الكثير، لكن الواجب والمسؤولية التي تقع على عاتق روج آفا لم تنته بعد، فالتاريخ يفرض عليك بعض المسؤوليات أحياناً وأنت مجبر على تحملها، إنها ضرورة لوجودك، ولحماية نفسك، ولا يتحقق ذلك إلا بحماية حياة حرة، يمكن أن تكون قدوة للجميع، إنّ التحول في الشرق الأوسط ينتظرهم، ونحن نتمنى النصر لشعبنا في هذا النضال المقدس.
غداً سيُنشر الجزء الثاني من الحوار، الذي يتطرق إلى نداء السلام والمجتمع والديمقراطي وأهمية تنظيم الكومينات.