يستقبل السودانيون عام 2026 بقلق متصاعد بعد عام وُصف بأنه من بين الأصعب في تاريخ البلاد الحديث، حيث تتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، في ظل استمرار النزاع المسلح وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي، قبيل نهاية عام 2025، أن نحو 24 مليون شخص في السودان يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، في وقت بلغت فيه الظروف المعيشية مستوى غير مسبوق منذ عقود، بينما بات ملايين السكان يعتمدون كليًا على المساعدات الإنسانية التي تعيقها الهجمات المتكررة لقوات الدعم السريع، ما أدى إلى تعطّل خطوط الإمداد ونقص خطير في المواد الغذائية الأساسية.
من جانبه، دعا منسق الأمم المتحدة للإغاثة إلى وقف العنف فورًا وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، معلنًا تخصيص 20 مليون دولار لدعم الغذاء والرعاية الصحية المنقذة للحياة في السودان.
ومنذ مطلع مارس الماضي، كشفت التطورات عن تدهور "كارثي" للوضع الأمني، خاصة في ولايات كردفان ودارفور، حيث شهدت ولاية شمال كردفان موجات نزوح كبيرة عقب استهداف مناطق مدنية بالمسيرات، ما أثار حالة واسعة من الذعر بين السكان.
وأفادت تقارير بحدوث نزوح جماعي من مدينة بارا وعدد من القرى المجاورة، في وقت تشهد فيه مدينة الفاشر أوضاعًا مأساوية بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وتحولت الفاشر إلى رمز للكارثة الإنسانية، حيث سُجّلت عمليات قتل واستهداف مباشر للمدنيين، وموجات نزوح جديدة، إلى جانب ما وصفته تقارير ميدانية بـ"أبشع الانتهاكات"، شملت تصفيات على أساس عرقي، واستهداف المستشفيات والمؤسسات الحكومية، وظهور مقاطع مصورة توثق قتل مرضى وأطباء داخل مرافق صحية.
وفي أكتوبر، أدان مجلس الأمن الدولي هجمات قوات الدعم السريع على الفاشر، ورفض محاولات إقامة حكومة موازية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، داعيًا إلى وقف فوري للقتال خشية تفشي المجاعة وانعدام الأمن الغذائي. كما وصفت وزارة الخارجية الأمريكية الوضع في السودان بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مطالبة بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر.
وفي نوفمبر، أعلنت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 36 ألف شخص من خمس بلدات في شمال كردفان، عقب تصاعد المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، محذّرة من انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم المعاناة الإنسانية.
وفي 9 ديسمبر، دعت بريطانيا إلى محاسبة عاجلة لمرتكبي "الجرائم الشنيعة" في السودان، فيما أكد مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، إصابة مستشفى وروضة أطفال بغارات جوية في جنوب كردفان.
وقبيل نهاية العام، حذّرت القوات المسلحة السودانية من أن تدفق السلاح إلى الجماعات غير النظامية يشكل الخطر الأكبر على استقرار البلاد ومستقبلها التنموي.