يمضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخطى متسارعة نحو اتخاذ أحد أكثر القرارات حساسية في السياسة الداخلية الأميركية، عبر تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية، داخل الولايات المتحدة، وسط تأييد واسع من الدوائر الجمهورية التي تعتبر التنظيم “مصدر انتشار الإسلام السياسي” في المجتمع الأميركي.
وقال ترامب إن القرار مكتمل “بأقوى العبارات”، وإن الإدارة تعمل على استيفاء الإجراءات القانونية لإصداره، في تحرك غير مسبوق تجاه التنظيم خلال العقود الماضية.
تأتي هذه الخطوة في ظل موجة انتقادات متصاعدة تتهم الجماعة ببناء هياكل نفوذ موازية داخل الولايات المتحدة، واستغلال المؤسسات التعليمية والدينية كمنصات لنشر الأيديولوجيا الإسلاموية على المدى البعيد، وفق تقديرات دوائر الأمن القومي.
ويقول مسؤولون سابقون إن الجماعة استخدمت أنشطة ثقافية وخيرية “ذات طابع بريء” لزرع نفوذها داخل الجاليات المسلمة وتوسيع شبكتها التنظيمية.
بدأ حضور الإخوان في الولايات المتحدة منذ ستينيات القرن الماضي عقب موجات من الطلاب والمهاجرين الذين قدموا من مصر والشرق الأوسط وجنوب آسيا، كثير منهم كانوا أعضاء في التنظيم هاربين من مواجهات سياسية في بلدانهم.
ورغم تركيزهم الظاهري على الجمعيات الثقافية والطلابية، كشفت وثائق داخلية لاحقًا أن الهدف الأساسي كان استغلال الحريات الأميركية لبناء قاعدة أيديولوجية وتنظيمية داخل مجتمع أكثر انفتاحًا على العمل السياسي والدعوي.
كان التعليم محور الاستراتيجية الإخوانية، إذ أسس أعضاء من التنظيم في عام 1962 “اتحاد الطلاب المسلمين” الذي تحول لاحقًا إلى البذرة التنظيمية الأولى للجماعة داخل الجامعات الأميركية.
وخلال تلك المرحلة، تم توزيع ترجمات لكتابات حسن البنا وسيد قطب والترويج لأفكار التنظيم بين الطلاب العرب والمسلمين، فيما شهدت جامعة إلينوي في العام التالي تأسيس أول رابطة طلابية إخوانية منظمة بقيادة أحمد توتونجي وجمال برزنجي.
بحلول عام 1969، تطور المشروع إلى مستوى دولي عبر تأسيس “الاتحاد الإسلامي الدولي للمنظمات الطلابية”، ثم الندوة العالمية للشباب الإسلامي التي احتضنتها الرياض ودعمت انتشار الفكر الإخواني بين الطلاب والشباب المسلمين حول العالم.
وشكل قادة بارزون مثل توتونجي وبرزنجي وهشام الطالب النواة الأولى لتلك الشبكات التي امتدت من الولايات المتحدة إلى الخليج وأوروبا في إطار رؤية تنظيمية موحدة.
ويرى مراقبون أن قرار تصنيف الإخوان، إذا صدر، سيشكل تحولاً جذرياً في السياسة الأميركية تجاه التنظيم، وقد يفتح الباب أمام إجراءات تمس تمويله وأنشطته داخل الولايات المتحدة، وسط ترقب لنتائج المراجعات القانونية والأمنية الجارية.