بث تجريبي

تدشين حاملة الطائرات الصينية "فوجيان": نقلة إستراتيجية تقرّب بكين من منافسة الهيمنة البحرية الأمريكية

دشنت الصين رسميًا حاملة الطائرات الجديدة "فوجيان"، الأضخم والأكثر تقدمًا في أسطولها البحري، في خطوة تُعد تحولًا إستراتيجيًا يعزز قدرتها على منافسة الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادئ. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن هذه الحاملة تمثّل مرحلة جديدة تقرّب بكين من هدفها المتمثل في تقليص النفوذ البحري الأمريكي في محيطها الإقليمي.

تكنولوجيا متقدمة تقارب المستوى الأمريكي

تزن "فوجيان" 80 ألف طن وتستوعب نحو 60 طائرة، وتتميّز باستخدام تقنية القاذف الكهرومغناطيسي لإطلاق الطائرات، وهي التقنية نفسها الموجودة في أحدث حاملات الطائرات الأمريكية "جيرالد فورد". وبذلك تصبح الصين ثاني دولة في العالم تطوّر وتنتج هذه التكنولوجيا المتقدمة بعد الولايات المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن البروفيسور لايل جولدشتاين، من كلية الحرب البحرية الأمريكية، أن هذه التقنية قد تزيد القدرة القتالية للحاملة إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف، مقارنة بالحاملتين الصينيتين السابقتين "لياونينج" و"شاندونغ"، اللتين تعتمدان على منصات الإقلاع التقليدية. كما أشارت ساوث تشاينا مورنينج بوست إلى أن القاذفات الثلاثة على متن "فوجيان" قادرة على تنفيذ نحو 300 طلعة جوية يوميًا، وهو معدل يضاهي نظيراتها الأمريكية.

أسطول مرافق… و«قاتلة الحاملات»

لن تعمل "فوجيان" بمفردها، بل ستحظى بمرافقة مجموعة ضاربة تضم 10 سفن حربية، أبرزها طرادات "تايب 055" الشبحية المزودة بصواريخ باليستية موجهة، يصفها الإعلام الصيني بـ"قاتلة الحاملات". ويُعتقد أنها تحمل صواريخ "YJ-21" الأسرع من الصوت والمصممة لاختراق الدفاعات الأمريكية.

وقال جولدشتاين إن هذه الطرادات صُممت خصيصًا لحماية الحاملات، معتبرًا أنها من أكثر القطع البحرية تطورًا ورهبة في العالم.

قدرات جوية متطورة و"عقل البحرية الطائر"

تشمل الترسانة الجوية للحاملة مقاتلات "J-15" المطوّرة ومقاتلات "J-35" الشبحية، إضافة إلى طائرة الإنذار المبكر "KJ-600"، التي وصفها الإعلام الصيني بأنها "عقل البحرية الطائر". وتعد هذه الطائرة النظير الصيني لـ"E-2 Hawkeye" الأمريكية، وتتميز بمدى راداري مضاعف مقارنة بالمروحيات القديمة، مما يمنحها إمكانات رصد خلف الأفق وقدرة أفضل على إدارة العمليات الدفاعية والهجومية.

ويرى كولين كوه، الباحث في شؤون الجيش الصيني في سنغافورة، أن تدشين "فوجيان" يقرّب البحرية الصينية من قدرات نظيرتها الأمريكية، على الأقل من الناحية النظرية.

تفوق أمريكي يتآكل… وبكين تتقدّم

ورغم امتلاك واشنطن 11 حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، فإن التوازن الإقليمي يبدو أكثر هشاشة، إذ تركز الصين قوتها البحرية في آسيا بينما تنتشر القوات الأمريكية حول العالم. ويرى خبراء أن هذا الاختلاف في التوزيع الجغرافي يزيد من حساسية التوازن العسكري في المنطقة.

وفي إشارة إلى طموحات بكين المتصاعدة، كشفت صور أقمار صناعية عن بناء سفينة ضخمة يعتقد أنها ستكون الحاملة الرابعة، فيما أكدت دراسات منشورة في أواخر 2024 أن الصين أنشأت نموذجًا أوليًا لمفاعل نووي يمكنه تشغيل سفن حربية كبيرة.

ونقلت واشنطن بوست عن مايكل دام، وهو ضابط استخبارات أمريكي متقاعد، قوله إن "البحرية الصينية تسعى إلى مضاهاة قدرات الولايات المتحدة في غضون عقد، وقد حققت تقدمًا يفوق المتوقع".

تايوان في دائرة الخطر

يمثل تدشين "فوجيان" تهديدًا جديدًا لتايوان، إذ بات بإمكان الصين التحرك حول الجزيرة بالكامل بدلًا من الاكتفاء بالساحل الشرقي القريب. وقال دينج شوه-فان، الخبير العسكري في تايبيه، إن "كل زاوية في تايوان أصبحت الآن مهددة".

كما أشار الخبير الياباني موريكي آيتا إلى أن هدف بكين هو إبعاد القوات الأمريكية خارج سلسلة الجزر الأولى ثم السيطرة على السلسلة الثانية الممتدة جنوب اليابان، والتي تعد ممرًا مهمًا للوصول إلى المحيط الهادئ.

وفي مايو ويونيو الماضيين، أجرت الحاملتان "لياونينج" و"شاندونغ" تدريبات مشتركة قرب الجزر اليابانية، شملت أكثر من 1100 طلعة جوية، في مؤشر على ثقة بكين المتزايدة وقدرتها على العمل بعيدًا عن سواحلها.

قد يهمك