بث تجريبي

ترجمات "المبادرة" .. محاكمة مصوّر وكالة الأنباء الفرنسية تكشف تدهور الحريات الإعلامية في تركيا

في مشهد جديد يعكس حجم التضييق الذي يعانيه الصحفيون في تركيا، أرجأت محكمة تركية جلسة محاكمة أربعة صحفيين، من بينهم مصوّر وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) ياسين أكغول، المتهمين بتغطية الاحتجاجات التي اندلعت في إسطنبول عقب اعتقال رئيس بلدية المدينة المعارض أكرم إمام أوغلو في مارس الماضي.

ويواجه الصحفيون الأربعة، ومن بينهم علي أونور توسون من قناة "ناو خبر" والمصوران المستقلان بولنت كيليش وزينب كوراي، خطر السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات بتهمة "المشاركة في تجمعات غير قانونية".

انتقادات واسعة

القضية أثارت انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الدولية، إذ اعتُبرت مثالًا جديدًا على محاولات النظام التركي إسكات الأصوات المستقلة وفرض قيود مشددة على حرية التعبير. وقد وصف مدير الأخبار العالمي في وكالة الأنباء الفرنسية، فيل تشيتويند، المحاكمة بأنها "بلا أساس قانوني"، مؤكدًا أن المصورين كانوا يؤدون واجبهم المهني في تغطية أحداث ذات اهتمام عام.

أما منظمة "مراسلون بلا حدود" فاعتبرت أن هذه المحاكمة تهدف إلى "التغطية على عنف الشرطة" ضد المتظاهرين، مؤكدة أن التعامل مع الصحفيين كناشطين سياسيين يعكس الطبيعة القمعية للنظام الحالي. من جانبه، أوضح أكغول أمام المحكمة أنه يعمل في الصحافة منذ 15 عامًا، ولم يُعتقل يومًا من منزله في الساعات الأولى من الصباح كما حدث هذه المرة أمام أطفاله، مضيفًا أنه كان يسير أمام المتظاهرين لتصوير المشهد وليس للمشاركة في الاحتجاج.

تدهور حاد 

تأتي هذه القضية في سياق أوسع من التدهور الحاد في أوضاع الحقوق والحريات في تركيا، حيث تشهد البلاد منذ سنوات تصاعدًا في الاعتقالات بحق المعارضين والإعلاميين، وتشديدًا للرقابة على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية. وتشير تقارير دولية إلى أن تركيا من بين أكثر الدول سجنًا للصحفيين في العالم، في ظل قانون التظاهر الصارم الذي يُستخدم أداة لقمع كل صوت ينتقد سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان أو حكومته.

كما أن اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، الذي يُعد أحد أبرز خصوم أردوغان المحتملين في انتخابات 2028، شكّل دليلاً إضافيًا على تسييس القضاء واستهداف رموز المعارضة. فالاحتجاجات التي أعقبت اعتقاله، والتي وُصفت بأنها الأكبر منذ تظاهرات "حديقة غيزي" عام 2013، قوبلت بحملات أمنية عنيفة واعتقالات جماعية، ما يعكس تآكل الثقة في استقلال المؤسسات وانحسار مساحة الحريات العامة.

في المحصلة، تكشف محاكمة المصورين الأربعة عن واقع قاتم لحرية الصحافة في تركيا، حيث أصبحت الكاميرا تُعامل كسلاح، والصورة تُعد جريمة، والصحفي يُحاكم لأنه شاهد على الحقيقة لا أكثر.

 

قد يهمك