يجري قصر باكنغهام مفاوضات متقدمة مع الأمير أندرو بشأن مغادرته منزله الفاخر في رويال لودج القريب من قلعة وندسور، في ظل تزايد الضغوط الداخلية لإنهاء الجدل المستمر حول إقامته في العقار دون دفع إيجار. ويُعدّ المنزل من الدرجة الثانية ويضم أكثر من 30 غرفة نوم، ويصعب قانونياً إخلاء الأمير منه بسبب عقد الإيجار الطويل المدى الذي أبرمه قبل أكثر من عقدين.
وذكرت صحيفة «ذا تليجراف» البريطانية أن محادثات مكثفة تُجرى يومياً بين ممثلي القصر والأمير أندرو، الذي يُبدي رفضاً واضحاً لفكرة الرحيل، بينما يحاول القصر التوصل إلى تسوية تضمن خروجه طوعاً مقابل تعويض مناسب عن الأموال التي أنفقها على العقار خلال السنوات الماضية.
وتتمحور الخلافات الأساسية حول مكان إقامة الأمير بعد مغادرته، وحجم التعويض المالي الذي سيحصل عليه مقابل ما دفعه سابقاً من تكاليف صيانة وتجديد بلغت ملايين الجنيهات الإسترلينية.
ويأمل القصر في حسم هذه المسألة سريعاً لتقليل الدعاية السلبية التي تحيط بالأمير منذ فترة، خصوصاً بعد تداول شائعات الأسبوع الماضي عن قرب مغادرته المنزل خلال ساعات، وهي أنباء تبيّن لاحقاً أنها غير دقيقة. إلا أن التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف ما يزال معقداً.
من جهة أخرى، يسعى القصر لتجنب أي تحقيق برلماني مطوّل بشأن الشؤون المالية للعائلة المالكة، ما يجعل مسألة سكن الأمير أندرو أكثر إلحاحاً. وتشير «ذا تليجراف» إلى أن الخيار الأقرب في حال مغادرته رويال لودج هو نقله إلى أحد العقارات الخاصة بالملك مثل ساندرينغهام أو بالمورال، حيث يمكنه الإقامة دون مقابل مادي ودون تحميل الخزينة العامة أي نفقات إضافية.
غير أن الأمير أندرو يرفض فكرة الانتقال إلى نورفولك أو اسكتلندا، ويفضّل البقاء في لندن أو وندسور بالقرب من ابنتيه. ويعتبر القصر أن انتقاله إلى عقار أصغر في ضيعة وندسور سيكون خياراً وسطاً يقلّل من الغضب الشعبي بسبب أسلوب حياته المرفّه على حساب دافعي الضرائب، رغم أن عليه حينها دفع إيجار ربما لا يستطيع تحمّله.
أما إقامته في قلعة وندسور أو قصر باكنغهام فستثير انتقادات إضافية باعتبارها «مكافأة» له بدل معاقبته، فضلاً عن التكلفة الكبيرة التي ستتحملها الأموال العامة في حال سكنه ضمن المباني التابعة للدولة.
وبحسب عقد الإيجار الموقّع عام 2003، يحق للأمير استرداد جزء من المبلغ الذي دفعه مقدماً، إذ سدد حينها مليون جنيه إسترليني لعقد يمتد 75 عاماً، إضافة إلى أكثر من 7.5 مليون جنيه لتجديد العقار. وإذا غادر قبل يونيو المقبل، فسيُعاد له نحو 557 ألف جنيه إسترليني، تنخفض تدريجياً كل عام حتى عام 2028.
ويرى الأمير أندرو أنّ التخلي عن منزل كلفه ما يقارب 10 ملايين جنيه إسترليني أمر غير منطقي، خصوصاً بعد إنفاقه ملايين إضافية على الصيانة. ولهذا من المرجّح أن يطالب بتعويض يفوق المستحق قانونياً، وهو ما قد يضطر الملك تشارلز إلى تغطيته من ماله الخاص، لأن وزارة الخزانة التي تشرف على أملاك التاج ترفض استخدام الأموال العامة لهذا الغرض.
ويُعقّد الموقف أيضاً وجود زوجته السابقة سارة فيرجسون في العقار، إذ تمتلك غرفاً خاصة بها داخل رويال لودج، ولم يُعرف بعد ما إذا كانت ستنتقل معه أم ستبحث عن سكن آخر.
يأتي هذا الجدل في وقت ما زال فيه الأمير أندرو يواجه ضغوطاً متزايدة بسبب علاقاته السابقة برجل الأعمال الأميركي الراحل جيفري إبستين المتهم في قضايا أخلاقية، ما أدى سابقاً إلى تنازله الطوعي عن ألقابه الرسمية، بما في ذلك لقب دوق يورك. ومع استمرار تداعيات هذه القضية، يحاول القصر الملكي تقليص الأضرار التي لحقت بصورة العائلة المالكة عبر تسوية ملف سكنه بشكل نهائي.