بث تجريبي

انتخابات مجلس الشعب السوري .. التصويت ينطلق وسط انتقادات وإشكاليات واسعة

بعد مرور أشهر على سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل إدارة انتقالية برئاسة أحمد الشرع، خيم الجدل على أول انتخابات برلمانية تُجرى في سوريا الجديدة، بل نظر إليها البعض كفرصة ضائعة، ومؤشر جديد على فشل إدارة المرحلة الانتقالية.

فبدل أن تكون هذه الانتخابات بوابة لترسيخ التعددية والمشاركة السياسية، انطلق التصويت اليوم وهناك 3 محافظات ذات أهمية كبيرة جرى استبعادها من التصويت، وهم: الحسكة والرقة حيث الغالبية الكردية، والسويداء حيث الغالبية الدرزية.

إخفاقات تتواصل؟

ويأتي إقصاء المشاركة الكردية والدرزية ليعبر بشكل كبير عن طابع المرحلة الجديدة في سوريا، إذ يواصل النظام القائم نهجاً أحادياً إقصائياً بدأ بمؤتمر الحوار الوطني، ثم الإعلان الدستوري، ثم تركيبة الحكومة، وصولاً إلى انتخابات اليوم.

ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان سير الانتخابات، موضحاً أن هناك حالة واسعة من الاستياء الشعبي والسياسي؛ بسبب ما وُصف بأنه "عبث انتخابي" يفتقر إلى أبسط مقومات النزاهة.

حيث ذكر المرصد أن الانتخابات التي جرت تحت إشراف الحكومة الانتقالية لم تشمل مناطق واسعة من البلاد، أبرزها محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وأجزاء من حلب والسويداء، ما جعل قطاعات كبيرة من السوريين خارج العملية السياسية تماماً.

وفق المرصد فإن هذا الإقصاء، يُعدّ تكراراً لنهج السلطة المركزية السابقة التي كانت تختزل القرار السياسي في دمشق وحدها.

ليس هذا فحسب، إذ سبق وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في سوريا عن استبعاد جميع الأشخاص الذين أيدوا نظام الرئيس السابق بشار الأسد بأي شكل من أشكال الدعم من المشاركة في انتخابات المجلس سواء في الترشح أو التصويت.

قرارات منفردة

كما أجرت الحكومة تعديلات سريعة على قانون الانتخابات دون استشارة القوى السياسية أو مؤسسات المجتمع المدني، وهو ما فسر بأنه التفاف على مطالب المعارضة بالمشاركة الفعلية في صياغة مستقبل البلاد.

وشملت التعديلات المثيرة للجدل تقليص مدة الحملات الانتخابية إلى أسبوع واحد فقط، ومنح اللجنة العليا للانتخابات صلاحيات "فضفاضة" لاستبعاد المرشحين لدواع أمنية، وهو ما فتح الباب أمام الإقصاء السياسي والمناطقي والطائفي دون معايير قانونية واضحة.

الأمر لم يتوقف هنا، إذ قام الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بتعيين ثلث أعضاء البرلمان مباشرة، كما أشرف على اختيار لجان فرعية لإدارة العملية الانتخابية، ما جعل البرلمان، بحسب محللين، أقرب إلى مجلس معيّن منه إلى مؤسسة تمثيلية تعبّر عن الإرادة الشعبية.

غياب الرقابة الدولية

على الجانب الآخر، لم يُسمح لأي جهة دولية أو أممية بالإشراف على الانتخابات، رغم النداءات المتكررة من المجتمع الدولي بضرورة إجراء أي اقتراع سوري تحت مظلة أممية تضمن الشفافية والمشاركة المتكافئة.

ومن ثم فإن غياب الرقابة المستقلة عزّز الشكوك حول نزاهة العملية وأفقد النتائج المتوقعة مصداقيتها على المستويين الداخلي والخارجي، وفق تقرير المرصد السوري.

هنا الإشكالية

يقول محمد اليمني الباحث السياسي، في تصريح لموقع "المبادرة"، إنه من الأهمية بمكان بناء مؤسسات الدولة السورية؛ لكن هذا البناء يجب أن يكون مقترناً بعملية سياسية شاملة، لا إقصاء فيها أو تهميش لطرف على حساب الآخر، وأن تطوى تماماً صفحة الماضي، عبر مشاركة لكافة مكونات الشعب السوري.

وأعرب اليمني عن رفضه استبعاد عدة مناطق أو فئات معينة من الترشح والتصويت، الذي قد يعكس خوف السلطة الانتقالية من قوة المعارضين لها في الداخل السوري، معتبراً أنه كان بالإمكان إجراء انتخابات بشكل أفضل من ذلك بكثير سواء على صعيد قوانين الانتخابات، أو على الصعيد التفاهمات بين القوى السياسية.

قد يهمك