يأمل نواب عراقيون أن تنجح عملية السلام بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، غير أن هذا المسار وإن بدأ، يواجه تساؤلات حول إمكانية ترجمته على أرض الواقع، فضلًا عن عثرات جدّية، بعدما أكدوا أن “تركيا تمارس سياسة المماطلة لكسب المزيد من الوقت”.
وصحيح أن حزب العمال الكردستاني أطلق مبادرة السلام تلبية لنداء القائد عبدالله أوجلان إلا أن تلك اليد الممدودة لا تزال تواجه القذائف والهجمات من قبل الجيش التركي المتواجد في إقليم كردستان وهو ما أثار مخاوف عراقية من مساعي أنقرة لإفشال خطوات الحزب.
ويحاول حزب العمال الكردستاني، الذي يناضل منذ عقود، ترسيخ مبادئ السلام المشروط مع أنقرة وإنهاء الصراع أكثر من مرة، غير أن الاستفزازات التركية ما لبثت أن قوضت تلك المحاولات- تصريح النائب العراقي عارف الحمامي إن “ثمة أملًا زُرع بعد أن أطلق حزب العمال الكردستاني مبادرة السلام استجابةً لنداء قائده، لكن من المؤسف أن تركيا حتى الآن لم تُقدم على أي خطوات ملموسة على أرض الواقع.”
ويضيف أن “الوجود التركي في العراق يُعد احتلالًا صريحًا لسيادة البلاد، في وقت لا تزال فيه أنقرة تشن عمليات عسكرية وهجمات طالت العديد من القرى الكردية الحدودية”، لافتاً إلى أن “العراق اليوم معرض للخطر التركي إذا لم تكن هناك وقفة جدية من قبل البرلمان والحكومة لطرد القوات المحتلة ومغادرة المعسكرات في محافظة نينوى”.
وانتقد النائب العراقي ما وصفه بـ”الصمت الكبير من قبل كتل سياسية وأحزاب إزاء الوجود التركي المحتل”، مشيرًا إلى أن “هناك تواطؤًا من قبل بعض الزعماء والسياسيين مع أنقرة، وهو ما يتطلب موقفًا وطنيًا جادًا لتحريك ملف الاحتلال التركي".
وأدت الهجمات التركية في مناطق إقليم كردستان إلى إفراغ العديد من القرى من سكانها، وبحسب مصادر أمنية عراقية رفيعة المستوى، فإن الجيش التركي نفّذ عمليات تطهير وحرق لمساحات زراعية شاسعة، تمهيدًا للسيطرة عليها وتحصينها عسكريًا.
ووفق المصادر فقد “إخليت أكثر من 200 قرية كردية من سكانها نتيجة الاستفزازات التركية ونصب نقاط التفتيش، فضلًا عن استمرار القصف بالقذائف والطائرات الحربية".
وأضافت المصادر أن هذه الممارسات تصاعدت خلال الفترة الأخيرة، أي بعد مبادرة السلام التي أطلقها حزب العمال الكردستاني.
ولم يكن بالإمكان تفسير ذلك سوى أن تركيا تماطل في تنفيذ عملية الانسحاب من الأراضي العراقية، بعد أن أوقعها حزب العمال الكردستاني في حرج عندما أطلق مبادرته وأحرق سلاحه أملًا بوقف النزاع، وفقًا لتصريح النائب سعود الساعدي، أن “المبرر لوجود الاحتلال التركي لم يعد قائمًا اليوم”.
ويؤكد الساعدي أن “استمرار القصف التركي في مناطق الإقليم يشير إلى أن أنقرة لديها أطماعًا، وتحاول احتلال إقليم كردستان وصولًا إلى محافظة نينوى”، مطالبًا “الحكومة العراقية بالتحرك العاجل لإنهاء ذلك الاحتلال الذي بات يهدد المنظومة الأمنية".
واتهم الساعدي “بعض السياسيين العراقيين بالتعاون مع المخابرات التركية عبر تمرير أجندات تخدم أنقرة والتغاضي عن انتهاكاتها المستمرة للسيادة العراقية”، مبينا أن “هناك أطرافًا سياسية نافذة تحاول تبرير الوجود العسكري التركي تحت ذرائع اقتصادية أو أمنية في حين أن الوقائع الميدانية تثبت أن ما يجري هو احتلال صريح لأراضٍ عراقية".
وفي مطلع يوليو الماضي (2025)، نفذت مجموعة “السلام والمجتمع الديمقراطي” المكونة من 30 مقاتلة ومقاتلا من الكريلا ، خطوة رمزية لحرق السلاح في محافظة السليمانية، وسط حضور إقليمي ودولي.
وتأتي هذه الخطوة بعد النداء التاريخي للقائد عبد الله أوجلان، الذي دعا لإنهاء الكفاح المسلح والتوجه نحو النضال السياسي.
أصداء المرأة
من زوايا العالم