بث تجريبي

وكالة: "سوريا الشرع" من سيء إلى أسوأ ونسخة مشوهة من نظام البعث

سلط تقرير جديد لوكالة فرات للأنباء الضوء على مواصلة حكومة دمشق الانتقالية إخفاقاتها في إدارة المرحلة الانتقالية، خاصة إمعانها في الإقصاء والتهميش، على نحو يجعلها نسخة مشوهة من نظام البعث.

يقول تقرير الوكالة إنه منذ إسقاط نظام بشار الأسد، علّق السوريون آمالاً كبيرة على مرحلة انتقالية تؤسّس لدولة ديمقراطية جامعة تضمن الحقوق وتُنهي سنوات الاستبداد، لكن الواقع على الأرض يكشف عن تحوّل مقلق في أداء المؤسسات الانتقالية، برئاسة أحمد الشرع، لا يُنذر سوى باستمرار الفشل، وربما بإعادة إنتاج النظام السابق بأساليب أكثر ضراوة وأقل شفافية.

وفي الوقت الذي تنتظر فيه البلاد مأسسة فعلية للمرحلة الانتقالية تُعبّر عن إرادة الناس، تمضي الحكومة الانتقالية نحو ما يبدو نسخة مشوّهة من "ديمقراطية البعث"، مع فارق أن الغطاء الأيديولوجي هذه المرة أضيق، والتدخلات الخارجية أكثر وضوحاً. فمن المنتظر – بحسب مصادر متطابقة – أن تشهد المرحلة المقبلة انتخابات برلمانية في أيلول، لكن المفارقة أن 70 من أصل 210 نواب سيتم تعيينهم مباشرة من قِبل الشرع نفسه.

عقلية مركزية مطلقة

وفق الوكالة، هذه الخطوة لا تفرغ الانتخابات من مضمونها فحسب، بل تُكرّس بنية سياسية مغلقة تخدم الحاكم لا الدولة، وتُحكم سيطرة السلطة التنفيذية على التشريعية تماماً كما فعل النظام السابق لعقود، على هذا النحو، تبدو البلاد وكأنها أمام عملية لا تنتهي من الاستبداد وإعادة إنتاجه. الخطير في هذه المقاربة لا يقتصر على تكريس الفردانية في القرار، بل يشمل أيضاً السعي إلى شرّعنة حكمٍ أقلويّ، مغلّفٍ بمفردات براقة عن "الدولة الحديثة"، في حين تكشف الوقائع تغييباً كاملاً لمبدأ المشاركة السياسية والتوازن بين السلطات.

ونقلت الوكالة عن محمد فتحي الشريف، مدير مركز العرب للأبحاث قوله إن الوزارات لا تزال تُدار بعقلية المركزية المطلقة، حتى على مستوى بناء المؤسسات، ومن دون خطط واضحة لإشراك الكفاءات أو تمكين المكونات المجتمعية، وعلى رأسها النساء، وهو ما أدى إلى تفاقم التهميش وتعميق الشعور بالإقصاء لدى شرائح واسعة من السوريين.

وحذّر الشريف من أن مجمل هذه الأمور تضع مصير المرحلة الانتقالية على المحك، وتُثير تساؤلات جدية حول مدى استعداد الحكومة للتخلّي عن منطق التسلّط، مضيفاً: "بدلاً من تقديم نموذج ديمقراطي يُجسّد تطلعات الشعب، تنزلق البلاد نحو استنساخ حكم الفرد، وسط صمت مريب وتجاهلٍ تام لمطالب الشارع، وكأن ما تغيّر فقط هو الاسم، أما المنهج فبقي كما هو، وربما بات أسوأ".

انحدار خطير

بدوره، قال الكاتب الصحفي المصري سيد أبواليزيد، في تصريح للوكالة، إن استمرار هذا النهج لا يهدد فقط فكرة الدولة الديمقراطية، بل يُعمّق الانقسام المجتمعي ويُفقد الحكومة الانتقالية ما تبقّى لها من شرعية سياسية وأخلاقية، منوّهاً في هذا السياق إلى ما جرى في أحداث الساحل السوري، ثم في السويداء، من مجازر وجرائم لا تزال تداعياتها قائمة.

وأضاف أبواليزيد أن المأمول كان بناء دولة تتسع للجميع، تشارك فيها جميع الأطياف والمكونات الوطنية السورية، لكن، للأسف، كشفت كل الاختبارات السياسية أن أحمد الشرع كان أبعد ما يكون عن هذا المسار، سواء فيما سُمّي بـ"مؤتمر الحوار الوطني"، أو الإعلان الدستوري، أو الحكومة التي تم تشكيلها، وكأننا أمام مرحلة انتقالية عنوانها الإقصاء والتهميش، لكل من لا يسير في ركاب هيئة تحرير الشام.

وتطرّق الكاتب الصحفي المصري سيد أبواليزيد إلى ما يُثار بشأن نية أحمد الشرع إجراء انتخابات برلمانية، قائلاً: "حتى الآن، لا أفهم كيف سيتم إجراء هذه الانتخابات، في ظل غياب تام لأي مقومات لها." وأوضح أن البلاد لا تزال تفتقر إلى أحزاب سياسية فاعلة، وأنه لم يسمع بعد عن ُسنّ أي قانون انتخابي، كما لا تتوافر البيئة القانونية اللازمة لإجراء الانتخابات، وأضاف أن المجموعات المساندة لأحمد الشرع تفتقر إلى القناعة بجدوى الانتخابات أو بقبول المنافسة مع الآخر، فضلاً عن وضع الضوابط والمعايير التي تضمن الشفافية والنزاهة.

قد يهمك