بث تجريبي

الخرطوم تقطع العلاقات مع الإمارات بسبب قصف الدعم السريع لبورتسودان

قرر السودان الثلاثاء قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة وأعلن الأخيرة "دولة عدوان" واتهمها بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة متطورة تم استخدامها في الهجمات الأخيرة على بورتسودان.

وفي بيان لمجلس الأمن والدفاع تم إعلان "دولة الإمارات العربية المتحدة دولة عدوان"، و"قطع العلاقات الدبلوماسية معها"، و"سحب السفارة السودانية والقنصلية العامة" من الإمارات.

واتهمت الخرطوم في البيان الذي تلاه وزير الدفاع قوات الدعم السريع باستخدام أسلحة إماراتية في هجماتها الأخيرة على بورتسودان، المقر الموقت للحكومة السودانية.

وقال بيان مجلس الأمن والدفاع "ظل العالم بأسره يتابع ولأكثر من عامين جريمة العدوان على سيادة السودان ووحدة أراضيه وأمن مواطنيه من دولة الإمارات العربية المتحدة وعبر وكيلها المحلي مليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة".

وأضاف أن الإمارات "صّعدت دعمها وسخرت المزيد من إمكانياتها لإمداد التمرد بأسلحة إستراتيجية متطورة".

وأكد البيان احتفاظ السودان "بالحق في رد العدوان بكافة السبل للحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها ولضمان حماية المدنيين واستمرار وصول المساعدات الإنسانية".

وقصفت مسيرات تابعة للدعم السريع الثلاثاء مطار بورتسودان وقاعدة للجيش قبل أن تضرب محطة الكهرباء الرئيسية ومستودع الوقود بالميناء البحري.

وتسبب قصف محطة الكهرباء بانقطاع التيار بالكامل.

تأتي الهجمات المستمرة لليوم الثالث على التوالي غداة قصف المستودع الرئيسي للوقود ما تسبب بحريق كبير في جنوب المدينة التي كانت حتى وقت قريب تُعد ملاذا آمنا لمئات آلاف النازحين الفارين بسبب الحرب المستمرة منذ عامين.

وأعلنت الشركة الوطنية للكهرباء أن الهجمات استهدفت محطة بورتسودان التحويلية وأن فرقها تعمل على تقييم الأضرار.

وقال مسؤول في المطار لوكالة فرانس برس إن مسيّرة "استهدفت الجزء المدني من مطار بورتسودان" بعد يومين من أول استهداف للقاعدة العسكرية بالمطار نسبها الجيش السوداني لقوات الدعم السريع.

وعلى بعد نحو 570 كيلومترا إلى الجنوب، استهدفت طائرة مسيرة مطار مدينة كسلا ورد الجيش بالمضادات الأرضية وفق شهود عيان.

وأفاد الشهود فرانس برس بسماع دوي هائل للانفجارات.

شريان حياة

وبعد قصف الثلاثاء أعلنت السلطات السودانية إلغاء جميع الرحلات في مطار بورتسودان الذي يعد بوابة الوصول الرئيسية للبلد الذي دمرته الحرب، وفق المسؤول ذاته.

وأعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان كلمنتين نكويتا-سلامي عن "صدمتها وقلقها العميق" من الهجمات المكثفة على مدينة بورتسودان التي تعتبر "مركزا للعمل الإنساني في السودان".

وحذرت نكويتا-سلامي من أن تلك الهجمات "ستزيد من المعاناة والاحتياجات الإنسانية" واصفة مطار بورتسودان بأنه "شريان الحياة للعمليات الإنسانية".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال الاثنين إن الهجوم على المدينة "تطور مقلق يهدد حماية المدنيين والعمليات الإنسانية".

تصل إلى بورتسودان الغالبية العظمى من المساعدات الإنسانية إلى السودان الذي أعلنت فيه المجاعة ويعاني نحو 25 مليونا من سكانه من انعدام الأمن الغذائي الشديد.

وفي المطار "اندلعت النيران في عدد من المنشآت" عقب القصف حسبما أفاد أحد المسافرين وكالة فرانس برس.

وقال المصدر في الجيش إن الضربة "استهدفت خزانات الوقود في مطار بورتسودان".

واستهدفت المسيرات كذلك ميناء بورتسودان الواقع جنوب المدينة، وأفاد مراسل فرانس برس بسماع دوي انفجارات وتصاعد سحب الدخان من مستودع الوقود بالميناء، وأظهرت مشاهد التقطتها عدسة فرانس برس مدى قوة الضربة.

ويقع مستودع الوقود المستهدف بالقرب من الجزء الجنوبي من ميناء بورتسودان في الوسط المكتظ للمدينة التي انتقلت إليها الأمم المتحدة ووكالات إنسانية ومئات آلاف الأشخاص بعد مغادرة العاصمة الخرطوم.

وقال مصدر في الجيش لفرانس برس إن مسيرة أخرى استهدفت القاعدة العسكرية الرئيسية في وسط المدينة فيما أفاد شهود بسقوط مسيرة في محيط أحد الفنادق.

وتقع قاعدة الجيش كما الفندق على مقربة من مقر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي يخوض منذ نيسان/أبريل 2023 حربا ضد قوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، على خلفية صراع على السلطة.

وأفاد شهود في شمال المدينة بسماع أصوات مضادات أرضية تنطلق من قاعدة عسكرية.

الحرب تطاردنا 

وقال حسين ابراهيم البالغ 64 عاما والنازح من ولاية الجزيرة بسبب الحرب وهو يتابع الدخان الكثيف المنبعث من حريق بورتسودان إن "ما حدث أمس واليوم أكد لنا أن هذه الحرب ستصلنا في أي مكان".

وفي أقصى الغرب، في إقليم دارفور الذي تسيطر على معظمه قوات الدعم السريع، قُتل ستة أشخاص في قصف مدفعي للميليشيات على مخيم أبو شوك للنازحين الثلاثاء، وأصيب 20 بجروح بحسب غرفة طوارئ المخيم.

في الأسابيع القليلة الماضية قصفت قوات الدعم السريع بنى تحتية مدنية في مناطق مختلفة من شمال شرق البلاد الذي يسيطر عليه الجيش، ما تسبب بانقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص.

وأسفرت الحرب في السودان عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتشريد 13 مليون شخص فيما تعاني بعض المناطق من المجاعة، وسط "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم بحسب الأمم المتحدة.

ومنذ خسارة الدعم السريع مواقع عسكرية في الخرطوم ووسط السودان زاد اعتمادها على الطائرات المسيّرة والمدافع البعيدة المدى.

وتستخدم قوات الدعم السريع طائرات مُسيّرة بدائية الصنع وأخرى متطورة، يتهم الجيش الإمارات العربية المتحدة بتزويدها بها.

ورفضت محكمة العدل الدولية الاثنين دعوى رفعها السودان ضد الإمارات بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية بدعمها لقوات الدعم السريع.

وأكدت وزارة الخارجية السودانية الثلاثاء احترام حجة أن المحكمة لا تتمتع بالاختصاص القضائي للبت في القضية بسبب إبداء الإمارات تحفظا لدى توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية عام 2005.

وأضاف البيان أن "رفض الدعوى.. لا يمكن أن يفسر قانونيا بأنه نفي للانتهاكات ولا يمثل بأي حال حكما ببراءة دولة الإمارات.. إذ أن الاختصاص القضائي في القانون الدولي العام مرحلة أولية وإجرائية بحتة، لا علاقة لها بتقييم الوقائع أو تحديد المسؤولية الدولية".

قد يهمك