يأتي هذا الطرح ضمن الجزء الخامس من مانيفستو الحضارة الديمقراطية لعبدالله أوجلان، حيث يركّز على مفهوم الحياة المشتركة بين المرأة والرجل بوصفها الأساس الأخلاقي والفلسفي للمجتمع الديمقراطي الحر.
يرى الزعيم أوجلان، أن فشل الحياة المشتركة يعكس فشل نموذج السلطة الذكورية الحديثة، ويؤدي إلى تفاقم العنف ضد المرأة وتفكك الروابط الاجتماعية.
يؤكد عبدالله أوجلان أن الحياة المشتركة بين المرأة والرجل ليست علاقة فردية، بل إطار تعايش إنساني يقوم على الحرية والانسجام والجمال، وفي نظره، فإن نمط الحياة الاشتراكية يتيح لكل من النساء والرجال اختبار علاقة جديدة بعيدة عن الهيمنة، ومبنية على التفاهم والمساواة.
وأشار عبدالله أوجلان، إلى أن تراجع مفهوم الحياة المشتركة في العصر الحديث أدى إلى اتساع العنف ضد المرأة، وفشل السياسات المخصّصة لحمايتها لأنها لا تعالج جذور المشكلة المرتبطة بالهيمنة الذكورية.
يرى أوجلان أن أزمة العلاقة بين المرأة والرجل تكشف هشاشة بنية السلطة الذكورية المسيطرة، التي وصلت إلى مرحلة الانحطاط بعد فقدان معناها التاريخي.
ويعتبر أن استمرار هذا النموذج يؤدي إلى الفوضى الاجتماعية، قائلاً إن أي ثورة حقيقية يجب أن تبدأ من تفكيك هذا النظام القائم على التملك والسطوة،ويربط انهيار الحياة المشتركة بظهور فراغ أخلاقي وروحي عمّق أزمات المجتمع المعاصر.
يشدّد أوجلان على أن إعادة بناء الحياة المشتركة تستلزم تأسيس قاعدة أخلاقية جديدة، تستمد جذورها من الأخلاق الأصيلة في الأساطير والأديان القديمة، مع تجاوز أشكال الملكية والمدينية الحديثة التي كرّست علاقة غير متوازنة بين المرأة والرجل.
ويؤكد أن الحداثة الرأسمالية لم تقدّم نموذجًا حقيقيًا لحرية المرأة، بل أعادت إنتاج الهيمنة عبر جسدها وصورتها بما يخدم القوة الذكورية والربحية.
يضع أوجلان مفهوم الحياة المشتركة في إطار أوسع من العلاقة الفردية، بوصفه قيمة جمالية وروحية تحمي الإنسان من الفردانية والعزلة، ويقول إن الزواج التقليدي والملكية المطلقة التي فرضتها الحداثة قضت على حرية الفرد وأدت إلى سيطرة نموذج تملّكي مقيّد للمرأة والرجل معًا.
ويشير إلى أن المرأة التي تدخل إطار الحياة الحرة تمتلك قدرة معرفية وأخلاقية تمكّنها من حماية ذاتها والمساهمة في بناء مجتمع حر.
يرى أوجلان أن بعض التقاليد المسيحية ساهمت في تخفيف هيمنة الغريزة عبر البعد الروحاني، ما فتح الطريق لنشوء الحداثة الأوروبية، لكنه يعتبر أن هذه التقاليد لم تحقق نموذجًا كاملاً للحياة المشتركة.
أما في التجربة الإسلامية، فيشير إلى بقاء العلاقات الجندرية خاضعة لنموذج يغلب عليه البعد الغرائزي، حيث ارتبط دور المرأة بالنسل والملكية، ما أدى إلى ترسيخ البنية الذكورية بدل تفكيكها.
يؤكد أوجلان أن الذهنية الذكورية في الشرق تسببت في إعاقة تطور العلاقات الاجتماعية، بخلاف التجربة الأوروبية التي نجحت في تقليص نفوذ البنى الدينية التقليدية، ويشير إلى أن الفجوة بين الشرق والغرب ليست سياسية أو اقتصادية فقط، بل نابعة من سياسات التمييز الجندري ونموذج الهيمنة الذي حكم الشرق لقرون طويلة.