كشف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن، عبر صور أقمار اصطناعية حديثة، عن أنشطة بناء وتحصين واسعة داخل منشأة جبل المنجم الواقعة جنوبي مجمّع نطنز النووي الإيراني، في تطور يثير قلق المجتمع الدولي بشأن مستقبل البرنامج النووي الإيراني.
وأوضح المركز، أن الصور تُظهر عمليات حفر عميقة وبناء أنفاق جديدة داخل الجبل، يُعتقد أنها تهدف إلى نقل أنشطة تخصيب اليورانيوم الحساسة إلى مناطق أكثر تحصيناً يصعب استهدافها عسكرياً من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل.
يرى خبراء أن هذه الخطوة تمثل تحولاً جذرياً في العقيدة النووية الإيرانية، من سياسة “البرنامج المراقب” إلى “البرنامج المحصّن”، بما يعني أن طهران تسعى إلى ضمان استمرارية نشاطاتها النووية حتى في حال وقوع هجمات جوية.
ويشير المحللون إلى أن بناء منشأة بهذا الحجم داخل الجبال يعكس استراتيجية ردع جديدة تهدف إلى تغيير قواعد اللعبة الإقليمية وفرض واقع يصعب معه على القوى الغربية ممارسة الضغط التقليدي عبر العقوبات أو التهديد العسكري.
يأتي هذا التطور وسط جمود طويل في المفاوضات بين طهران والغرب، بعد انهيار التفاهم غير الرسمي بشأن حدود تخصيب اليورانيوم، وارتفاع التوترات في الخليج ولبنان والبحر الأحمر.
ويحذر مراقبون من أن التحركات الإيرانية الجديدة قد تعيد إشعال سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، خاصة مع تزايد الشكوك حول قدرة إسرائيل أو الولايات المتحدة على تنفيذ ضربة دقيقة ضد منشآت تقع في عمق جبلي صخري.
تتابع دول الخليج العربي هذه التطورات بحذر، وسط دعوات أوروبية متجددة لاستئناف المفاوضات النووية بشروط جديدة تضمن التزام طهران بالاتفاق النووي الموقع عام 2015.
في المقابل، ترى أطراف غربية أن منشأة جبل المنجم قد تمثل نقطة اللاعودة في مسار البرنامج النووي الإيراني، ما يجعل فرص العودة إلى اتفاق فيينا أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
بدأت إيران تطوير برنامجها النووي في سبعينيات القرن الماضي، لكنه شهد تحولاً كبيراً بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب. ومنذ ذلك الحين، رفعت طهران مستوى تخصيب اليورانيوم عدة مرات، وقلصت من تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويُعد مجمع نطنز أحد أهم المواقع النووية الإيرانية، حيث تعرض في السنوات الأخيرة لسلسلة من الهجمات السيبرانية والتفجيرات الغامضة، ما دفع إيران إلى نقل بعض أنشطتها الحساسة إلى مواقع أكثر تحصيناً تحت الأرض.
من زوايا العالم