بث تجريبي

وسط انهيار واسع .. الجامعة العربية تعمل مع الأمم المتحدة على فرض هدنة إنسانية في السودان

تواصل جامعة الدول العربية جهودها الدبلوماسية المكثفة بالتنسيق مع الأمم المتحدة وعدد من الأطراف الدولية، في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة السودانية التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

فقد أعلن الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، أن مشاورات حثيثة تجري حاليًا بهدف استئناف المحادثات السودانية، وصولًا إلى هدنة إنسانية مؤقتة تمهّد لوقف شامل لإطلاق النار، وذلك في ظل تدهور الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق داخل السودان.

تحركات وسط انهيار واسع

تأتي هذه التحركات العربية في وقت يشهد فيه السودان انهيارًا واسعًا في الخدمات الأساسية، ونزوح مئات الآلاف من المدنيين من مناطق القتال، وسط تقارير دولية تحذّر من كارثة إنسانية وشيكة. ويُدرك صانعو القرار في الجامعة العربية أن وقف التصعيد العسكري، ولو بصورة مؤقتة، يُعد مدخلًا أساسيًا لتوفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين، فضلًا عن تهيئة المناخ لاستئناف مسار الحوار السياسي بين الأطراف المتحاربة.

وأكد أبو الغيط أن الجامعة العربية تعمل بشكل متوازٍ مع منظمات الإغاثة الدولية من أجل ضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر تضررًا، مشددًا على أن استمرار الأعمال العدائية لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة، وزيادة معاناة المدنيين، وتقويض أي فرصة للاستقرار. ويرى مراقبون أن هذا النهج يعكس إدراك الجامعة العربية لحساسية المشهد السوداني، وضرورة مقاربة الأزمة من منظور إنساني وسياسي في آن واحد.

تقريب وجهات النظر

من جهة أخرى، تُشير مصادر دبلوماسية إلى أن المشاورات الراهنة تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين القوى المتنازعة، وإقناعها بقبول هدنة إنسانية محدودة المدة، قد تشكّل خطوة أولى على طريق بناء الثقة. غير أن التحدي الأكبر يتمثل في مدى استعداد الأطراف المتصارعة للالتزام فعليًا بأي اتفاق، خاصة في ظل انعدام الثقة، وتشابك الأجندات الإقليمية والدولية المتداخلة في الصراع السوداني.

ورغم هذه التعقيدات، يرى محللون أن التحرك العربي–الدولي الحالي يمثل بارقة أمل وسط مشهد قاتم، إذ يُعطي إشارة إلى أن المجتمع الدولي ما زال حريصًا على احتواء الأزمة قبل انزلاقها إلى فوضى شاملة. كما أن نجاح الجامعة العربية في لعب دور الوسيط الفاعل سيعزز مكانتها الإقليمية، ويفتح المجال أمام دور عربي أكثر تأثيرًا في إدارة الأزمات الإقليمية.

في المحصلة، تبقى الجهود العربية والدولية مرهونة بمدى تجاوب الأطراف السودانية المتصارعة مع نداءات وقف القتال، وتقديم المصلحة الوطنية والإنسانية على حساب الحسابات العسكرية الضيقة. وبينما تنتظر الساحة السودانية اختراقًا قد يخفف من حجم المأساة، يظل الرهان قائمًا على إرادة الأطراف وقدرة الوسطاء على فرض هدنة حقيقية تُنقذ المدنيين من أتون الحرب.

قد يهمك