بث تجريبي

خاص/ المبادرة .. د. غازي فيصل: الفصائل المسلحة في العراق دولة فوق الدولة ويجب تفكيكها

في ظل تصاعد الجدل حول ملف السلاح المنفلت في العراق وتداعياته على الأمن والاستقرار، أجرى موقع المبادرة، حوارًا خاصًا مع الدكتور غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، تناول واقع انتشار السلاح بين العشائر والفصائل المسلحة، والتحديات الخطيرة التي تفرضها على سيادة الدولة العراقية.

وأكد الخبير العراقي البارز أن العراق يواجه خطراً حقيقياً بسبب انتشار نحو 20 مليون قطعة سلاح خارج سيطرة الدولة، محذراً من أن الفصائل المسلحة – التي يفوق عددها 74 فصيلاً وترتبط غالبيتها بالحرس الثوري الإيراني – تمثل "دولة فوق الدولة"، داعياً إلى تفكيكها وحصر السلاح بيد الجيش لضمان سيادة العراق واستقراره.

إلى نص الحوار:

*دكتور غازي، بدايةً.. ماذا عن حجم السلاح المنفلت في العراق اليوم؟

- للأسف نحن نتحدث عن رقم ضخم يقارب 20 مليون قطعة سلاح منتشرة بين العشائر والأفراد. هذه الأسلحة ليست خفيفة فحسب، بل تشمل أسلحة متوسطة وثقيلة مثل الـ"آر بي جي"، بل وأحيانًا طائرات مسيرة استُخدمت في نزاعات عشائرية. هذا الكم الهائل من السلاح يشكّل تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار الاجتماعي. والدولة تعمل على تنظيم هذه الظاهرة عبر حملات مستمرة لإلزام المواطنين بالحصول على إجازات من وزارة الداخلية، لكن التحدي ما زال قائماً.

*هل يشكل هذا السلاح العشائري الخطر الأكبر؟

- الحقيقة أن الخطر الأكبر ليس السلاح العشائري، بل الفصائل المسلحة التي يتجاوز عددها اليوم 74 فصيلاً، بينها 34 ترتبط بشكل مباشر بفيلق القدس والحرس الثوري الإيراني. هذه الفصائل تتلقى التوجيهات الدينية والسياسية من مرشد إيران علي خامنئي، وتخضع لقيادات إيرانية، وتمتلك أكثر من 16 قاعدة عسكرية في العراق مجهزة بمصانع للصواريخ والطائرات المسيرة، إضافة إلى أسلحة ثقيلة وخفيفة لا تخضع للقيادة العامة للقوات المسلحة.

*دور هذه الفصائل في الصراعات الإقليمية؟

- هذه الفصائل أصبحت عابرة للحدود. فقد شاركت في الحرب السورية، وفي مهاجمة القواعد الأمريكية بالعراق، وفي المواجهات بجنوب لبنان إلى جانب حزب الله، بل وحتى في دعم الحوثيين باليمن عبر التدريب والمشاركة القتالية. هي لا تلتزم بالدستور العراقي ولا بالقانون، وقرار الحرب والسلم عندها بيد الحرس الثوري الإيراني. داخل قواعدها يوجد قادة من الحرس الإيراني، إلى جانب عناصر من الحوثيين، وكذلك من فصائل "زينبيون" و"فاطميون".

*كيف تنعكس هذه الظاهرة على سيادة الدولة العراقية؟

- ما نشهده هو قيام دولة فوق الدولة. الفصائل تتلقى دعمًا ماليًا وعسكريًا تحت غطاء الحشد الشعبي، لكنها تمارس سياسات واستراتيجيات مستقلة. مرجعية النجف الأشرف أوصت بحصر السلاح بيد الدولة، لكن هذه الفصائل ترفض الالتزام وتتمسك باستقلاليتها. الأخطر أنها لا تؤمن بالديمقراطية أو بالدولة الدستورية، بل تتبنى نظرية ولاية الفقيه على غرار النموذج الإيراني، وتعلن ذلك صراحة عبر منصاتها الإعلامية التي تموَّل وتدار من إيران.

*في ظل هذا الواقع، ما المطلوب للحفاظ على السيادة العراقية؟

- المطلوب أولاً تفكيك هذه التنظيمات المسلحة وسحب السلاح منها، فلا سلاح يجب أن يعلو على سلاح الجيش العراقي. الدستور يمنع الأحزاب السياسية من امتلاك أجنحة عسكرية، ويمنع مشاركة الفصائل المسلحة في الانتخابات، لكن ما حصل في الدورة التشريعية الماضية أثبت العكس؛ إذ شاركت هذه الفصائل وفازت بمقاعد برلمانية وحتى وزارية. الأخطر أنها تخطط الآن للحصول على نحو 50% من مقاعد البرلمان في الانتخابات القادمة، ما يعني تهديداً مباشراً للعملية السياسية برمتها، وللسيادة العراقية والديمقراطية.

قد يهمك