أصدرت محكمة يونانية، أحكاماً بالسجن بحق مجموعة من اللاجئين السودانيين بعد إدانتهم بتهم تتعلق بتهريب البشر، عقب وصولهم إلى جزيرة كريت عبر البحر الأبيض المتوسط بطرق غير نظامية، في تطور يعكس تشدد السلطات اليونانية تجاه قضايا الهجرة، ويثير مخاوف متزايدة بشأن أوضاع اللاجئين الفارين من النزاع في السودان.
وقال الناشط في قضايا العدالة الحدودية، إبراهيم الجريفاوي، إن المحكمة أدانت 32 مهاجراً، غالبيتهم من السودانيين، وحكمت على معظمهم بالسجن لمدة عشر سنوات، فيما لا يزال آخرون بانتظار جلسات محاكمة لاحقة.
وأضاف الجريفاوي أن المحكمة كانت قد أصدرت، في الرابع من كانون الأول/ديسمبر الجاري، حكماً بالسجن لمدة 365 عاماً بحق أحد اللاجئين السودانيين، مشيراً إلى أن بين المحتجزين أطفالاً قُصّراً فروا من الحرب، ويواجهون حالياً عقوبات مشددة داخل النظام القضائي اليوناني.
وأوضح الجريفاوي أن أعداد المهاجرين القادمين من ليبيا إلى جزيرة كريت ارتفعت بمعدل سبعة أضعاف مقارنة بالسنوات السابقة، نتيجة تشديد الرقابة على المسار البحري المؤدي إلى إيطاليا، التي كانت الوجهة الأساسية لقوارب الهجرة غير النظامية.
وأشار إلى أن القوانين والاتفاقيات الدولية تكفل حق اللاجئين في الحماية وتقديم طلبات اللجوء، غير أن المحكمة اليونانية فصلت بين تهم تهريب البشر وحق اللجوء، مؤكدة إمكانية تقديم طلبات اللجوء من داخل السجون.
وبيّن أن المحاكمات ما تزال مستمرة، في وقت وصل فيه أكثر من 3,500 مهاجر إلى اليونان خلال الشهرين الماضيين، بينما تحاول مجموعات تطوعية في أثينا توفير محامين للمتهمين، وسط نقص حاد في الكوادر القانونية وصعوبات تواجه المهاجرين في التواصل مع المحاكم بسبب ضعف خبرة المترجمين والمستشارين القانونيين الذين توفرهم السلطات.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، لقي 17 مهاجراً مصرعهم وفُقد 15 آخرون إثر غرق قارب يقل 34 شخصاً قرب جزيرة كريت، كان في طريقه من طبرق شرق ليبيا نحو السواحل الأوروبية.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤولة في المكتب الإعلامي لخفر السواحل اليوناني أن الناجين أفادوا بسقوط 15 شخصاً في البحر، فيما عُثر على جثث داخل القارب الذي كان يتسرب إليه الماء على بعد 26 ميلاً بحرياً جنوب غربي كريت، مع استمرار عمليات البحث بإشراف شرطة الموانئ.
وأدت الحرب المستمرة في السودان منذ نيسان/أبريل 2023 إلى نزوح نحو 15 مليون شخص، بينهم أكثر من أربعة ملايين لجؤوا إلى دول الجوار، وسط تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والصحية، وتراجع الدعم الإنساني الدولي.
وفي هذا السياق، قال المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن أعداد السودانيين في ليبيا ارتفعت بشكل ملحوظ، محذراً من تنامي شبكات الاتجار بالبشر وقرب السواحل الليبية من أوروبا، ما يدفع آلاف اللاجئين إلى خوض رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر.
وكان مسؤولون أوروبيون في شؤون اللاجئين قد حذروا، العام الماضي، من تصاعد الهجرة السودانية نحو أوروبا في ظل تقلص المساعدات الإنسانية، مؤكدين أن تداعيات الأزمة السودانية باتت تمثل تحدياً إقليمياً ودولياً متزايداً.