سلّمت اليونان في الثالث من سبتمبر الجاري ردّها إلى الأمم المتحدة بشأن رسالة طرابلس المؤرخة في 27 مايو الماضي، والمتعلقة بالحدود البحرية بين البلدين. وكانت ليبيا قد أرفقت رسالتها بخريطة تستند إلى مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا حول ترسيم الحدود البحرية والمناطق الاقتصادية الخالصة في شرق المتوسط.
رفضت اليونان بشكل قاطع الحجج الليبية المستندة إلى مذكرة التفاهم مع أنقرة، مؤكدة أن هذه المذكرة "تتجاهل الحقوق البحرية للجزر اليونانية وتسعى إلى تشويه الجغرافيا في شرق البحر المتوسط". وأوضحت أثينا أن ليبيا وتركيا لا تملكان حدوداً بحرية مشتركة أصلاً، وهو ما يجعل الاتفاقية غير شرعية من منظور القانون الدولي.
أشارت الرسالة اليونانية إلى أن جميع الجزر، بموجب المادة 121 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تمتلك مناطق بحرية شأنها شأن أي إقليم بري آخر. وعليه، شددت أثينا على أن أي ترسيم للحدود مع ليبيا يجب أن يأخذ في الاعتبار نقاط الأساس في الجزر اليونانية، لا الاقتصار على السواحل القارية كما تدعو تركيا.
ردّت أثينا على اعتراضات طرابلس بشأن الاتفاقية اليونانية–المصرية، مؤكدة أنها أُبرمت بين دولتين ذواتي سواحل متقابلة وبما يتماشى مع القانون الدولي. كما استندت اليونان في موقفها إلى اتفاقياتها السابقة مع مصر وإيطاليا، إضافة إلى القانون الوطني رقم 4001/2011، الذي يحدد الحدود الخارجية للمنطقة الاقتصادية الخالصة عبر خط الوسط لحين التوصل إلى اتفاق ثنائي.
رفضت اليونان خريطة ليبيا المرسلة إلى الأمم المتحدة، معتبرة أنها تعتمد على "خطوط أساس مشكوك فيها"، وتشمل إغلاق خليج سرت بطريقة غير قانونية. كما وصفت مناطق الصيد والمنطقة المتاخمة التي أعلنتها طرابلس بأنها "غير شرعية"، مؤكدة أن جزءاً من الخريطة يتطابق مع الترسيم المثير للجدل في مذكرة التفاهم التركية–الليبية.
رغم لهجة الرفض الحاسمة، أكدت أثينا في رسالتها احتفاظها بكافة حقوقها البحرية، مع إبداء استعدادها لاستئناف المفاوضات مع ليبيا من أجل ترسيم الحدود البحرية على أساس القانون الدولي. ومن المقرر أن يزور المكلف بتسيير وزارة الخارجية الليبية، الطاهر الباعور، أثينا خلال الأيام المقبلة، حيث يتوقع أن يضغط الجانب اليوناني لوضع جدول زمني محدد لبدء المباحثات.
يعود أصل الأزمة إلى توقيع حكومة الوفاق الليبية السابقة وتركيا في عام 2019 مذكرة تفاهم لترسيم الحدود البحرية. وقد أثارت هذه الخطوة اعتراضات قوية من اليونان ومصر وقبرص، معتبرة أنها تتجاهل وجود الجزر اليونانية وتعيد رسم الحدود بشكل يفتقر إلى الأساس القانوني. ومنذ ذلك الحين، تحولت القضية إلى ملف خلاف إقليمي معقد ينعكس على أمن الطاقة في شرق المتوسط.