شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، صباح اليوم الثلاثاء، موجة جديدة من التصعيد العسكري تمثلت في هجوم واسع نفذته طائرات مسيّرة استهدفت مواقع حيوية وبنى تحتية رئيسية، في وقت يواصل فيه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع معارك طاحنة في ولايات دارفور وكردفان.
أفاد شهود عيان ومصادر عسكرية بأن الهجمات الجوية طالت مصفاة الخرطوم للنفط، ومحطة كهرباء المرخيات غرب أم درمان، إضافة إلى مجمع اليرموك الصناعي العسكري جنوب العاصمة. كما سُجّلت انفجارات عنيفة داخل قاعدة وادي سيدنا الجوية شمالي أم درمان، وسط تحليق مكثف للطائرات المسيّرة فوق أحياء الخرطوم وبحري وأم درمان.
مقاطع مصورة متداولة على منصات التواصل الاجتماعي أظهرت اندلاع حرائق كبيرة في محطة كهرباء المرخيات، ما تسبب في انقطاع مفاجئ للتيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من أم درمان ومدن أخرى بشمال السودان.
وبحسب تقارير ميدانية، فقد استُخدمت طائرات مسيّرة انتحارية في الهجوم، استهدفت محطات كهرباء في بحري وأم درمان، إلى جانب مواقع بمحيط مصفاة الجيلي شمال العاصمة. وأكدت المصادر أن الدفاعات الأرضية حاولت التصدي للهجمات، لكنها لم تتمكن من منع وقوع أضرار جسيمة.
وفي موازاة التصعيد في العاصمة، أعلنت وسائل إعلام سودانية مقتل ماكن الصادق، أحد أبرز قادة قوات الدعم السريع، خلال معارك عنيفة في منطقة كازقيل بولاية شمال كردفان.
ووفقاً لمصادر عسكرية، فقد أحبط الجيش هجوماً واسعاً شنّته قوات الدعم السريع لاستعادة السيطرة على كازقيل والرياش، وأسفرت المواجهات عن مقتل الصادق والاستيلاء على آليات قتالية.
مصادر ميدانية أوضحت أن القوات المسلحة السودانية تمكنت يوم الإثنين من فرض سيطرتها على منطقة أم دم حاج أحمد الواقعة على بُعد 70 كيلومتراً من مدينة الأبيض، بعد معارك شرسة استُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة.
ويُعد هذا التقدم خطوة استراتيجية ضمن مساعي الجيش لتعزيز وجوده في شمال كردفان، التي شهدت تصعيداً ملحوظاً خلال الأسابيع الماضية.
يُذكر أن المنطقة نفسها كانت قد تعرضت في يوليو الماضي لهجوم بطائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع استهدفت قسم الشرطة المحلي، وأسفر حينها عن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير مبانٍ ومركبات.
في تطور موازٍ، أفاد سكان من منطقة أرياب بولاية البحر الأحمر بأنهم رصدوا تحليق طائرات مسيّرة مجهولة الهوية على مدى أربعة أيام متتالية. وأكدت لجنة أمنية تابعة لشركة التعدين المحلية أنها على علم بالتحركات الجوية، لكنها لم تحدد بعد الجهة التي تقف وراءها، الأمر الذي أثار تساؤلات حول أهداف محتملة في منطقة غنية بالموارد المعدنية.
يُعتبر الهجوم الأخير على الخرطوم الأضخم من نوعه منذ انسحاب قوات الدعم السريع من العاصمة في مارس الماضي، ويأتي في وقت كانت فيه القيادة العسكرية السودانية قد أعلنت احتواء تهديد المسيّرات. لكن التطورات الأخيرة أعادت إلى الواجهة المخاوف من استهداف البنية التحتية الحيوية، في ظل استمرار الاشتباكات في دارفور وكردفان.
ومع دخول النزاع السوداني عامه الثالث منذ اندلاعه في أبريل 2023، تبدو فرص التوصل إلى تسوية سياسية أو وقف لإطلاق النار بعيدة، في ظل تعثر الجهود الدولية واستمرار تدهور الأوضاع الإنسانية التي طالت ملايين المدنيين.
من زوايا العالم
منبر الرأي
بين السطور
نبض الشرق