افتتحت إثيوبيا، اليوم الثلاثاء، سد النهضة رسمياً باعتباره أكبر مشروع كهرومائي في أفريقيا، بكلفة تجاوزت خمسة مليارات دولار، وسط أجواء احتفالية داخلية يقابلها توتر متصاعد مع مصر والسودان.
وبينما تعتبره أديس أبابا "مشروع القرن" وأحد أعمدة نهضتها الاقتصادية، تنظر إليه القاهرة والخرطوم كتهديد مباشر لأمنهما المائي.
من منظور إثيوبيا، يمثل السد خطوة تاريخية نحو تحقيق الاكتفاء الكهربائي وتصدير الطاقة، حيث يُنتظر أن يصل إنتاجه إلى 5150 ميغاوات في مرحلته النهائية، ما يوفر الكهرباء لملايين المواطنين ويمنح الدولة إيرادات تقدر بمليار دولار سنوياً. ويحرص رئيس الوزراء آبي أحمد على تقديم المشروع باعتباره "فرصة مشتركة للتنمية" لا تضر بدول المصب، في محاولة لتخفيف المخاوف الإقليمية.
في المقابل، ترى مصر أن افتتاح السد يفتح الباب أمام تداعيات استراتيجية خطيرة، إذ تعتمد بنسبة 90% على مياه النيل لتلبية احتياجاتها المائية. ورغم تطمينات أديس أبابا، تؤكد القاهرة أنها ستواصل مراقبة التطورات عن كثب، وتحتفظ بحقها في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها، خاصة خلال فترات الجفاف التي قد تتأثر فيها حصتها المائية بشكل ملموس.
أما السودان، فيقف في موقع أكثر تعقيداً؛ فهو من جهة قد يستفيد من تنظيم الفيضانات والحصول على طاقة أرخص، لكنه في الوقت نفسه يطالب باتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد، خشية أن تنعكس أي خطوة أحادية سلباً على استقراره وأمنه المائي.
ويرى محللون أن المشهد الراهن يعكس مفارقة مزدوجة: فبينما يمثل السد نموذجاً للطموحات التنموية في أفريقيا، فإنه يجسد أيضاً واحدة من أعقد الأزمات الإقليمية المرتبطة بتقاسم الموارد العابرة للحدود. ومع غياب اتفاق شامل يوازن بين مصالح الأطراف الثلاثة، يبقى خطر التصعيد قائماً، ما يحوّل افتتاح السد إلى لحظة تختلط فيها آمال التنمية بمخاطر التوتر الاستراتيجي في حوض النيل.
نبض الشرق
منبر الرأي
بين السطور