أفادت مصادر حكومية عراقية، أن عملية انسحاب قوات التحالف الدولي من قاعدتي عين الأسد ومطار العاصمة بغداد تبدأ في أيلول المقبل تنفيذاً للاتفاق بين واشنطن وبغداد بعد إجراء حوارات أمتد لأشهر نتيجة مطالبات سياسية من قوى شيعية وفصائل الحشد الشعبي، وهو ما أثار موجة من التساؤلات والتحليلات حول أثر ما تتركه عملية الانسحاب من فراغ أمني في ظل تصاعد التهديدات بين إسرائيل وإيران مرة آخرى.
وأعتبر المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، أن انسحاب قوات التحالف من العراق أحد إنجازات الحكومة، فيما أشار الى أنه مؤشر على قدرة العراق على التصدي للإرهاب.
وقال النعمان في تصريح للوكالة الرسمية إن “انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق هو واحد من إنجازات الحكومة ومؤشر على قدرة العراق على التصدي للإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار من دون الحاجة إلى مساعدة آخرين”، مضيفا أن “هذا الأمر ما كان ليتم لولا جهود سياسية وإصرار من قبل رئيس الوزراء على غلق هذا الملف كما أغلق ملف (يونامي)”.
وقد بدأت عملية انسحاب قوات التحالف الدولي، وعلى رأسها القوات الأمريكية، بجدول انسحابها من العراق، على أن تخلي أول قاعدين في أيلول المقبل، وتتجه قواتها نحو الكويت وأربيل، في مرحلة تعتبر الاولى من مراحل كثيرة تنتهي في الربع الأخير من عام 2026.
وجاء وفقا للإعلان المشترك بين الحكومة العراقية وواشنطن، في سبتمبر 2024، حيث جرى جدولة الانسحاب، وقد تزامن الإعلان في حينها، مع الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان، واغتالت فيها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
ويقول المحلل السياسي عقيل عباس إن “الانسحاب الأمريكي، لن تكون له تداعيات سلبية، لأن هذا الانسحاب متفق عليه سابقا، بالتالي ستحاول الفصائل المسلحة استثمار الانسحاب والترويج على انه انتصار لها، وأنها من اجبرت واشنطن عليه، وسيتم تجييره إعلاميا بهذا الاتجاه”.
ويضيف عباس، أنه “لا اعتقد أن هذا الانسحاب سيؤثر على موازين القوى في داخل العراق، بل أنه يمنح طرفا ما الشعور بالانتصار وأيضا سيقلق أطرافا أخرى، وهي الجماعات السنية، حيث يعتبرونه تخليا أمريكيا عن العراق أو عن حمايتهم من التغول الفصائلي”، حسب وصفه.
ويؤكد أن “الافتراض بأن أمريكا تحمي أو تقف ضد الفصائل المسلحة، هو افتراض خاطئ بالأساس”.
وشنت الفصائل المسلحة، هجمات بالمئات ضد الوجود الأمريكي منذ عام 2020، أي بعد اغتيال سليماني والمهندس، استهدفت القواعد الأمريكية والأرتال، موقعة خسائر مادية، فيما ردت واشنطن باستهداف مخازن الأسلحة ومقار الفصائل في الحدود مع سوريا وداخل العراق، وتحديدا في محافظة بابل.
وبات مطلب إخراج القوات الأمريكية، أهم ما ركزت عليه الفصائل المسلحة، وتجدد مؤخرا بعد تدخل واشنطن لمنع إقرار قانون هيكلة الحشد الشعبي في البرلمان، حيث أعلنت كتائب حزب الله ان مطلبها هو إخراج القوات الأمريكية وفق الجدول المحدد.
وقد أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مؤخرا، أن خطة انسحاب القوات الأميركية من العراق لا تزال تسير ضمن الإطار المعلن عنه، نافية وجود أي تغييرات أو تأخيرات نتيجة التطورات السياسية أو الإقليمية الأخيرة.
من جانبه، يبين المحلل السياسي، غازي فيصل أنه “على الرغم من تطور قدرات القوات المسلحة العراقية، لكن من الواضح أن الامن الجوي للعراق ما زال تحت سيطرة القوات الامريكية والتحالف الدولي”.
ويتابع أن “نسبة السلاح الأمريكي للقوات المسلحة العراقية، تقترب من 85 بالمئة، بمعنى هناك حاجة للدعم اللوجستي والاستخباراتي الأمريكي وصيانة الأسلحة، كما أن الطائرات تحتاج إلى إدامة مستمرة من قبل الشركة الصانعة لها”.
ويؤكد أن “انسحاب قوات التحالف الدولي من عين الأسد ومطار بغداد، سيترك فراغا امنيا، لن تستطيع القوات المسلحة سده، خاصة إذا ما حصلت او اندلعت أعمال عسكرية واسعة النطاق بين امريكا واسرائيل من جهة وإيران من جهة اخرى”.
ويلفت إلى أنه “في حال إقدام أي قوات أمريكية او اسرائيلية على قصف مواقع عراقية، فلن يكون الجانب الأمريكي او السفارة الأمريكية لها اي دور لمنع او كبح جماح إسرائيل بضرب مواقع استراتيجية حساسة للفصائل المسلحة او القوات الحكومية العراقية”.
وتنشر الولايات المتحدة 2500 جندي في العراق، ونحو 900 في سوريا، في إطار التحالف الذي أنشأته العام 2014 لمحاربة تنظيم داعش، ويضم التحالف كذلك قوات من دول أخرى، لا سيما فرنسا والمملكة المتحدة.
وقالت السفارة الأمريكية في العراق، أن التحالف الدولي في العراق سينتقل إلى شراكة أمنية ثنائية.
وأضافت في بيان، إن “هذا ليس نهاية عمل التحالف الدولي لهزيمة داعش، إذ سيواصل جهوده المدنية بقيادة مدنية على المستوى العالمي”.
وأكدت أن “مهمة التحالف العسكرية في العراق ستنتقل إلى شراكة أمنية ثنائية أكثر تقليدية”، لافتة إلى أن “التفاصيل المتعلقة بخططنا وعملياتنا العسكرية، ستحال إلى وزارة الدفاع”.
إلى ذلك، ذكر مسؤول حكومي عراقي رفيع أن “انسحاب قوات التحالف الدولي من عين الأسد ومطار بغداد سوف يولد فراغاً أمنياً له تداعيات كبيرة على أمن البلاد”، ولا يستبعد المسؤول أن “تحدث اضطرابات أمنية في المناطق الحدودية مع سوريا”.
وأضاف أن “عملية الانسحاب تحمل في أبعادها رسالة قوية من واشنطن إلى العاصمة بغداد ذات مغزى سلبي على الوضع العراقي، مفادها أن الأجواء العراقية ستكون مفتوحة أمام إسرائيل، ومن المحتمل أن تتعرض معسكرات الحشد الشعبي لهجمات في حال اندلاع الحرب مرة أخرى، علماً أن في حرب الـ12 كان لواشنطن دور كبير في منع استهداف الفصائل”.
من زوايا العالم
منبر الرأي
أصداء المرأة
منبر الرأي
منبر الرأي