بث تجريبي

أمينة عمر: وضع المرأة السورية خطير وليس أمام السوريات إلا التكاتف وتنظيم أنفسهن خاصة في الدفاع الذاتي

بعد مرور نحو ثمانية أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، للأسف تجد المرأة السورية نفسها أمام واقع يكرّس خيبة شديدة ويقوّض آمالها في دولة ديمقراطية تؤمن بوجودها. وعود كثيرة تبعت سقوط بشار الأسد بقيام دولة ديمقراطية عادلة تحقق المساواة والتمكين لجميع المواطنين، لكن جاءت النتائج على النقيض تماماً.

فبدلاً من المشاركة الفاعلة، تعاني المرأة اليوم من تهميش ممنهج تحت هيمنة أيديولوجية متشددة تفرضها الحكومة الانتقالية، حتى أنها لم تُسند إليها سوى حقيبة وزارية وحيدة، بينما تتواصل الانتهاكات بحقها في الساحل والسويداء، في مشهد يعيد إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة، ويقصي نصف المجتمع عن دوره المستحق في بناء الوطن.

في هذا السياق، تحدث موقع "المبادرة" مع السيدة/ أمينة عمر عضو منسقية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث وصفت وضع المرأة بالخطير للغاية، معددة الأسباب والأمثلة على ذلك، معربة عن أسفها لما ألمّ بالنساء في مناطق الساحل السوري، وتكرار نفس المشهد في السويداء مؤخراً، مشددة على أن النساء في سوريا لم يعد أمامهن إلى التكاتف ومواصلة النضال وتنظيم أنفسهن من كافة النواح.

وضع خطير

وفي تفاصيل حديثها، قالت السيدة/ أمينة عمر إن وضع المرأة السورية حالياً خطير للغاية؛ لأن هناك احتمالية كبيرة لفقدانها حقوقها في الوقت الحالي، موضحة أنه منذ سقوط النظام السابق، وتولي شؤون البلاد حكومة جديدة – ممثلة حالياً في الحكومة الانتقالية – أصبح هناك تهميشاً لدور المرأة في المشاركة السياسية، وأيضاً دورها في الانضمام إلى كافة الفعاليات التي شهدتها الفترة الانتقالية، كالمؤتمر الوطني العام، ولجنة الإعلان الدستوري.

وأضافت: "حقيقة نرى أن دور المرأة أصبح ضعيفاً جداً، بالكاد هناك مشاركة شكلية فقط، ولذلك نقول إن ما يحدث الآن من تهميش وإقصاء للمرأة من المشاركة بالحياة العامة لا يتناسب مع التضحيات الكبيرة التي قدمتها خلال الأعوام السابقة، ومشاركتها في الثورة وإسقاط النظام السابق"، منوهة إلى أن المرأة في سوريا خلال الفترة الماضية لعبت دوراً كبيراً، وناضلت بقوة لتكون متواجدة في كافة الأجسام السياسية التي تشكلت منذ 2011 إلى اليوم، وأرادت أن تكون قوة فاعلة، لكن بعد سقوط النظام رأينا أنها تفتقد لدورها في مشاركة عملية لبناء سوريا المستقبل.

بين التشدد والانتهاكات الخطيرة

تطرقت السيدة/ أمينة عمر في حديثها لـ"المبادرة" إلى مسببات هذه الوضعية الصعبة للمرأة السورية، وفي هذا السياق قالت إن الإيديولوجيا الموجودة حالياً عند الإدارة الجديدة – أو بين قوسين الحكومة المؤقتة – هي الإيديولوجيا المتشددة التي لا تعط أولوية لأن تكون المرأة في المراكز القيادية، فقط تحصر دور المرأة في نمط معين، أو في أدوار اجتماعية نمطية، كالتعليم والتربية ورعاية الأبناء فقط، منوهة إلى أن هذا هو دور المرأة لدى الحكومة المؤقتة، معتبرة أنه لا يتناسب مع نضالات المرأة السورية في تغيير المجتمع ومحاربة الإقصاء والتمييز ضد المرأة وبناء مجتمع ديمقراطي وتحقيق المساواة بين الجنسين.

ورصدت أمينة عمر مثالاً على ذلك، إذ قالت: "رأينا تشكيل الحكومة المؤقتة، ومن أصل 23 حقيبة وزارية كانت هناك وزارة وحيدة بقيادة امرأة، وهي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل"، مؤكدة أن وزارة وحيدة لن تستطيع التعبير عن إرادة المرأة ضمن الوزارات الأخرى. ولفتت كذلك إلى أن هذه الوزارة عادة تكون تحت ضغط كبير؛ بسبب أن التي تقودها امرأة، مشددة على أنه من كل الجوانب نجد حقيقة أن هناك مُحاربة لوجود المرأة في أي منصب قيادي، أو أي مكان ترى المرأة نفسها تعمل فيه من أجل ضمان حقوق الأخريات.

المرأة العلوية

من بين الأسباب التي ذكرتها كذلك والتي انعكست سلباً على وضع المرأة، لفتت السيدة أمينة عمر إلى "الانتهاكات الخطيرة التي تحدث بحق المرأة"، مشيرة في هذا السياق إلى الانتهاكات التي حدثت في الساحل السوري بحق المكون العلوي، وخصوصاً ما طال منها النساء؛ حيث تم خطف العشرات من النساء العلويات في مناطق الساحل، وإلى الآن لا يزال مصيرهن مجهولاً.

ونوهت كذلك إلى أنه تم حرق بيوتهن وقتل ذويهن سواء كانوا أزواجهن أو إخوانهن أو آبائهن، وبالتالي الوضع خطير جداً في الساحل والمحاسبة تكاد تكون معدومة، في وقت لا توجد فيه لجان تحقيق شفافة، على نحو جعل وضع ومصير العلويات في الوقت الحالي صعب للغاية، حسب ما ذكرت.

المرأة في السويداء

وقالت عضو منسقية المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا إن المشهد نفسه تكرر في السويداء؛ حيث توجد أيضاً تجاوزات كبيرة وخطيرة تجاه المرأة الدرزية، ففي الأحداث الأخيرة تم تهجير النساء وتم قتلهن وتم سبيهن، بل وهناك عديد من النساء لا يزال مصيرهن مجهولاً.

وحتى بعد الحديث عن وقف لإطلاق النار، تقول أمينة عمر: "حالياً هناك أيضاً معاناة كبيرة للمرأة الدرزية في السويداء؛ نتيجة الحصار المطبق من قبل الحكومة المؤقتة، وعدم وصول المساعدات إلى النساء والأطفال ضمن المدينة؛ فهناك نقص في المياه والكهرباء والخبز، ومن ثم فإن هذه أيضاً معاناة تعيشها المرأة السورية.

نضال المرأة مستمر

وقالت أمينة عمر إنه أمام هذه الانتهاكات الخطيرة التي تحدث للمرأة في مناطق متعددة، وأمام تهميشها وإقصائها في الحياة العامة، فإن المرأة السورية عليها المطالبة بحقوقها دستورياً، فيجب على النساء التكاتف والتوحد، ليكون لديهن صوتاً وإرادة قوية، ويطالبن بالمشاركة في كافة اللجان والهيئات التي ستتشكل مستقبلاً، سواء وضع الدستور الدائم، أو الهيئات السياسية كمجلس الشعب، وغيرها من الأجسام، حتى تستطيع ضمان حقوقها.

وأضافت أنه لذلك نضال المرأة مستمر، مشددة على أنه يجب أن يكون بشكل أقوى، وأن يكون لدى المرأة نفس الدور الذي لعبته سابقاً، مؤكدة أنه ليس أمام المرأة السورية سوى النضال من أجل الوصول إلى مكانة تكافئ ما لعبته من دور نضالي خلال الفترة الماضية، وخاصة ضد النظام السابق، ومن أجل التغيير الديمقراطي وبناء سوريا المستقبل، مجددة التأكيد على ضرورة اتحاد النساء وبذل مزيد من الجهد والمطالبة المشاركة في كتابة الدستور الدائم، وبناء الدولة الجديدة.

تنظيم المرأة لنفسها

وقالت السيدة أمينة عمر إنه من الأشياء المهمة في الوقت الحالي ضرورة تنظيم المرأة السورية لنفسها، وفي كافة مناطق الدولة، سواء كتنظيمات نسائية، أو تنظيم نفسها من ناحية الدفاع الذاتي، لأن المرأة المنظمة من كافة النواحي هي امرأة قوية وتستطيع حماية نفسها.

وشددت القيادية النسائية البارزة في شمال وشرق سوريا، في ختام تصريحاتها لموقع "المبادرة"،على أهمية تنظيم المرأة نفسها في جانب الدفاع الذاتي؛ بسبب تعرضها لكثير من الانتهاكات، وبالتالي هذا أمر مهم حتى تستطيع حماية نفسها والدفاع عنها، وأيضاً حماية مجتمعها.

 

 

 

 

 

قد يهمك