قال المحلل السياسي العراقي محمد علي الحكيم، في تصريحات خاصة لموقع "المبادرة"، إن العراق كان وما زال ساحة مفتوحة للتأثيرات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وذلك منذ سقوط النظام السابق عام 2003. وأوضح أن هذا التأثير لا يقتصر فقط على الجوانب السياسية بل يمتد بشكل واضح إلى العمليات الانتخابية، حيث تسعى هذه القوى من خلال حلفائها المحليين إلى تشكيل التحالفات بين الأطراف العراقية المتخاصمة بهدف تأمين مصالحها الاستراتيجية، لأنها تعتبر أن النفوذ داخل العراق هو جزء لا يتجزأ من تحقيق أمنها القومي.
وأضاف الحكيم أن الانتخابات البرلمانية المقبلة، إن جرت في موعدها، ستكون الأصعب على الإطلاق، نظراً لحجم المال السياسي المتداول فيها، مشيراً إلى أن بعض الأطراف كشفت أن مجموع الدعاية الانتخابية المرصودة من قبل الكتل تجاوز ثلاثة تريليونات دينار عراقي، أي ما يعادل نحو ملياري دولار، ناهيك عن عمليات شراء الذمم التي تمارسها قوى سياسية مختلفة.
ولفت إلى أن جميع الدول تمارس نفوذاً خلال الانتخابات، سواء من خلال التأثير المباشر أو عبر حلفائها المحليين، مؤكداً أن إيران تحديداً بدأت تشهد تراجعاً ملحوظاً في نفوذها بالعراق نتيجة مجموعة من العوامل، أبرزها الضربات التي تلقتها على خلفية الأحداث الأخيرة في سوريا ولبنان وفلسطين، إضافة إلى ضغوط داخلية أثّرت على قدرتها في توجيه حلفائها. وأشار كذلك إلى ما وصفه بـ"الحرب الإعلامية" التي استهدفت وكلاء طهران في العراق، من خلال خطاب مضاد حاد ومباشر، ساهم في إضعاف صورتهم أمام الرأي العام.
وعن حظوظ رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، أوضح الحكيم أن هذه الحظوظ باتت شبه معدومة بعد مجموعة من الأزمات المتتالية، أبرزها حادثة حريق مول في محافظة الكوت، التي راح ضحيتها 65 شخصاً، بالإضافة إلى الاشتباكات التي وقعت بين القوات الأمنية وبعض الفصائل المسلحة، فضلاً عن التسريبات الصوتية التي أثارت جدلاً واسعاً وأضعفت موقفه السياسي. وقال إن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تقليص فرص السوداني في الفوز بدعم داخلي أو خارجي لتجديد ولايته.
وأكد أن المرحلة المقبلة قد تشهد صعود شخصية سياسية مستقلة أو مقربة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى رئاسة الحكومة، خاصة بعد تراجع دور المحور الإيراني في المنطقة، وتقلص قدرة طهران على فرض مرشحيها أو حماية نفوذها داخل العراق كما في السابق.
وختم الحكيم تصريحه بالتأكيد على أن العراق مقبل على مرحلة سياسية مفصلية، قد تُعيد رسم قواعد اللعبة الانتخابية والتحالفات الحاكمة، مشيراً إلى أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ليست مجرد استحقاق سياسي داخلي، بل هي انعكاس مباشر للتوازنات الإقليمية والدولية، في ظل السماح المستمر للقوى الخارجية بأن تجعل من العراق ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات، وأنه مع اقتراب كل موعد انتخابي يتجدد الجدل حول دور إيران، وتدخل الدول الأخرى، واستخدام المال السياسي للتأثير في نتائج الاقتراع، وتوزيع الوزارات، حتى السيادية منها، والتي كثيراً ما تُباع وتُشترى في بعض العواصم العربية والإسلامية، على حد تعبيره.