بث تجريبي

الدور على النظام .. حزب العمال الكردستاني يسير بخطى سريعة نحو السلام

شهدت مدينة السليمانية حدثًا تاريخيًا، عندما قام مجموعة مكونة من 30 مقاتلًا من حزب العمال الكردستاني (PKK) بإحراق أسلحتهم في مراسم أُقيمت بالقرب من مدينة السليمانية شمال العراق.

وصف حزب العمال الكردستاني عملية نزع السلاح هذه بأنها "عملية تاريخية"، وتمثل نقطة تحول كبرى في مسار الحزب من الكفاح المسلح إلى المشاركة السياسية.

تفاصيل الخطوة التاريخية

ونفذ المراسم 30 مقاتلًا، من بينهم أربعة قياديين من حزب العمال، أحرقوا أسلحتهم أمام كهف جاسنه، الذي يقع على بُعد 50 كيلومترًا غرب السليمانية. ويحمل هذا الموقع أهمية رمزية كبيرة، حيث كان يضم مطبعة صَدرت منها إحدى أوائل الصحف الكردية.

بعد نزول المقاتلين، رجالًا ونساءً، درجات الكهف، وقفوا على منصة أمام نحو 300 شخص، وخلفهم صورة مؤسس الحزب القائد عبدالله أوجلان، ثم قرأ القياديان بسي هوزات وبهجت شارشل بيانًا باللغتين الكردية والتركية، وصفا فيه إتلاف السلاح بأنه "عملية ديمقراطية تاريخية".

وتأتي الخطوة الرمزية بعد إطلاق القائد عبدالله أوجلان "إعلانًا تاريخيًا" من أسره في جزيرة إمرالي بإسطنبول، دعا فيه حزب العمال الكردستاني إلى حل نفسه وإلقاء السلاح.

وجاءت الدعوة بعد أربعة أشهر من عرض أنقرة السلام على القائد عبدالله أوجلان، وقد تلا الإعلان وفد من نواب حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، والذين زاروا القائد في إمرالي.

                                                      إلهامي المليجي

عوامل للوصول إلى سلام شامل

يقول الكاتب الصحفي إلهامي المليجي، منسق المبادرة العربية لحرية القائد أوجلان، في تصريح خاص لموقع "المبادرة"، إن هذه المبادرة من حزب العمال الكردستاني، المتمثلة بحرق أسلحتهم في 11 يوليو 2025 داخل كهف "جاسنه"، تمثل خطوة رمزية وجوهرية نحو وقف العمل المسلح في إطار عملية سلام جديدة مع تركيا.

وأضاف أن رئيس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، وصف الحدث بأنه "صفحة جديدة"، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل بداية لتأسيس إطار قانوني يضم الحزب الكردي السابق إلى الحياة السياسية.

وأوضح منسق المبادرة العربية لحرية القائد أوجلان أن عملية حرق الأسلحة تمثل خطوة بالغة الأهمية في اتجاه الوصول لسلام شامل مع الدولة التركية، ولكن نجاحها يعتمد على عدة عوامل تشمل إصلاحات دستورية وتشريعية تضمن حقوق الكرد السياسية والثقافية وتطبيع مشاركة حزب سابق في العملية السياسية (مثل إطلاق سراح أوجلان وتعديل الدستور).

وبيّن المليجي أن تلك العوامل تشمل تكاملًا فعليًا للعائدين من الجناح المسلح للحزب في بُنى الدولة وأحزاب معترف بها، تحت إشراف لجنة برلمانية وطنية، واستمرارية الالتزام من الحكومة التركية، وليس مجرد تصعيد سياسي قبيل الانتخابات، لأن هناك مخاوف من أن تكون خطوة تكتيكية مؤقتة.

واختتم منسق المبادرة العربية لحرية القائد أوجلان حديثه قائلًا: "إن الخطوة تمثل أساسًا قويًا للسلام الشامل، لكنها ليست كافية وحدها، لأن السلام الحقيقي سيتحقق عندما تتبع هذه الرمزية ممارسات فعلية، تشمل إطلاق سراح السجناء السياسيين، ومشاركة سياسية شرعية، وإحراز إصلاحات دستورية، وثقة متبادلة بين الطرفين، وإذا حدث ذلك فستكون تركيا على أعتاب مرحلة جديدة من المصالحة الوطنية".

                                                      فرهاد أحمد

رد الفعل التركي والمطالب الكردية

بينما يقول فرهاد أحمد، عضو حزب المساواة والديمقراطية بين الشعوب، في تصريح خاص لموقع "المبادرة"، إن المبادرة التي أطلقها القائد عبدالله أوجلان هي تاريخية، ولكن للأسف، رغم المبادرة التي أطلقها القائد وقيام حزب العمال الكردستاني بحل نفسه وحرق مجموعة من قوات الكريلا أسلحتها، لم نرَ سوى تصريحات من قبل حكومة العدالة والتنمية، والإعلام التركي لم يغير لهجته العنصرية.

وأضاف أن أردوغان تكلّم بأنه سيقوم بحل هذه القضية مع حزب الحركة القومية وحزب المساواة والديمقراطية، معترفًا بأنه ارتُكبت أخطاء أيضًا من قبل الدولة.

وأوضح أحمد أن أردوغان يريد حل هذه المسألة حزبيًا، ولكن الكُرد يريدون حل هذه القضية مع الدولة وليس مع الأحزاب، لأن تلك الأحزاب موجودة اليوم ولكن قد تختفي غدًا، مثل مسعود يلماز وسليمان دميرال وتانسو جيلر وتورغوت أوزال وبولنت أجاويد، وكلهم الآن غير موجودين.

وأشار عضو حزب المساواة والديمقراطية بين الشعوب إلى أن القائد أوجلان أوضح أن الكُرد تخلوا عن الدولة القومية، ولكنهم لن يتخلوا عن حقوقهم القومية، وتحدث القائد عن الاندماج الإيجابي، أي يجب أن تكون تركيا على شكل ولايات، مبينًا أن الكُرد لن ولم يتنازلوا عن حقوقهم القومية، ضمن الدستور الجديد الذي سيتشكل، وإذا كان أردوغان يقوم بهذه العملية كمكسب سياسي، فهو مخطئ.

لجنة من 100 برلماني

ويقول أحمد إنه ستُشكل لجنة داخل البرلمان التركي مؤلفة من 100 برلماني للوصول إلى هذا السلام المنشود، والجميع منتظر ماذا ستفعل تلك اللجنة، مشيرًا إلى أن حزب المساواة والديمقراطية بين الشعوب، والكُرد بشكل عام، ليس لديهم أي ثقة بالدولة التركية ولا بحكومة العدالة والتنمية، ولكن لديهم ثقة بالقائد عبد الله أوجلان.

وأوضح السياسي الكردي أن حزب المساواة والديمقراطية بين الشعوب سيراقب عمل اللجنة التي ستتشكل داخل البرلمان، وأن حزب العمال الكردستاني لن يتخلى بشكل تام عن أسلحته حتى يرى ماذا ستفعل الدولة التركية، وكيف ستعالج القضية الكردية، خاصة وأن الكُرد الآن في الشرق الأوسط أكثر وعيًا سياسيًا واجتماعيًا، حتى من الناحية العسكرية، فالكرد يمتلكون قوى عسكرية رهيبة في الأجزاء الأربعة من كردستان.

وأفاد أحمد بأن جغرافية الشرق الأوسط بحاجة إلى الاستقرار، وفي هذا النطاق، فإن نداء القائد أوجلان مهم جدًا، ليس لتركيا وشمال كردستان فقط، إنما هو استقرار للشرق الأوسط بكامله.

 

قد يهمك