بث تجريبي

هل يُنجز لبنان آلية لتطبيق وقف النار بمساعدة أميركية؟

تؤكد مصادر لبنانية أن الزيارة الثانية للسفير الأميركي لدى تركيا، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا، توماس برّاك، للبنان، في الأسبوع الأول من يوليو (تموز) المقبل، تُشكل محطة سياسية للتباحث معه في المقاربة التي يُفترض أن تكون أعدّتها الحكومة لتطبيق اتفاق وقف النار، في ضوء الأفكار التي كان قد عرضها عليهم في زيارته الأولى لمساعدة الحكومة لوضع آلية متكاملة لتنفيذه.

وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يحمل معه في زيارته الأولى ورقة أميركية، وإنما ناقش مع أركان الدولة مجموعة من الأفكار، مبدياً استعداده لتقديم كل مساعدة من شأنها أن تدفع باتجاه تطبيقه.

 

جانب من محادثات الرئيس اللبناني جوزيف عون مع الموفد الأميركي توماس برّاك الأسبوع الماضي في بيروت (أ.ب)

جانب من محادثات الرئيس اللبناني جوزيف عون مع الموفد الأميركي توماس برّاك الأسبوع الماضي في بيروت (أ.ب)

 

وتكشف المصادر عن أن الأفكار التي طرحها برّاك لم تأتِ على ذكر وضع جدول زمني لسحب سلاح «حزب الله» ليكون أساساً للشروع في حصره بيد الدولة، لكنه حذَّر من هدر الوقت وإضاعة الفرصة المتاحة للبنان لبسط سيادته على كل أراضيه في أقرب وقت ممكن، لأنه يحق للبنانيين أن ينعموا بالاستقرار الذي لن يتحقق ما لم يتلازم مع حصرية السلاح.

انفتاح لبناني على الطلب الأميركي

وتؤكد أن برّاك صارح المسؤولين اللبنانيين بقوله إنه آن الأوان للحكومة بأن تحسم أمرها وتحصر السلاح بيد الدولة، وتقول إن لبنان سيتعاطى بانفتاح وإيجابية مع الأفكار التي طرحها لمساعدته على وضع آلية لتطبيق اتفاق وقف النار على قاعدة سحب سلاح «حزب الله» ليكون أساساً لبسط سلطة الدولة على كل أراضيها؛ تطبيقاً للقرار «1701»، لكن يبقى السؤال كيف ومتى يتم سحبه؟ لأن إبقاءه يرتب على البلد أثقالاً لا يستطيع تحمّلها.

 

الموفد الأميركي إلى لبنان خلال لقائه رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)

الموفد الأميركي إلى لبنان خلال لقائه رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)

 

وتلفت إلى أن الأفكار التي طرحها برّاك هي الآن موضع نقاش بين رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام، للتوصل إلى مقاربة موحّدة يتبنّاها مجلس الوزراء، في ضوء رد قيادة «حزب الله» عليها، بعد أن أُودعت لديها لمناقشتها واتخاذ القرار النهائي في شأنها.

تعهد أميركي بانسحاب إسرائيلي

وترى المصادر أنه لا يمكن للبنان أن ينعم بديمومة الاستقرار ما لم يبادر إلى سحب سلاح الحزب الذي هو الآن موضع حوار بين قيادته وعون، الذي كان قد تعهّد في خطاب القَسَم باحتكار الدولة للسلاح، وتبنته الحكومة في بيانها الوزاري.

وتقول إنه أبدى في زيارته الأولى استعداده للتدخل لدى إسرائيل للانسحاب من التلال التي تحتفظ بها في جنوب لبنان، وإطلاق ما لديها من أسرى لبنانيين، وترسيم الحدود بين البلدين، وصولاً إلى مزارع شبعا، على أن يتلازم مع ضبط الحدود اللبنانية السورية؛ تمهيداً لترسيمها لتشمل الشمالية والشرقية.

وتؤكد أن تدعيم الجيش اللبناني بالعتاد العسكري المطلوب، ليكون بوسعه أن يستكمل انتشاره بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة حتى الحدود فور انسحاب إسرائيل من القرى الأمامية، هو موضع اهتمام برّاك، متعهداً بملاحقة تزويده بكل ما يحتاج إليه لدى الإدارة الأميركية.

وتُشير إلى أنه شدّد على أن تأييد أركان الدولة، كلٌّ على حدة، لحصرية السلاح بيد الدولة، يجب أن يُترجم بموقف موحّد يصدر عن مجلس الوزراء، ويحظى بتأييد «حزب الله»، لأنه لا أحد يرغب في جرّ البلاد إلى صدام دموي يمكن تجنّبه.

ترسيم الحدود اللبنانية - السورية

وترى المصادر أن برّاك أدرج ترسيم الحدود اللبنانية - السورية لتكون بنداً في الأفكار التي طرحها لبسط سلطة الدولة اللبنانية على كل أراضيها تطبيقاً للقرار «1701»، وتؤكد أن لبنان أبلغه استعداده اليوم قبل الغد لترسيمها، وأن هناك لجنة مشتركة من البلدين مولجة في التحضير لبدء اجتماعات الترسيم، وهي تحظى برعاية خاصة ومباشرة من المملكة العربية السعودية.

 

الموفد الأميركي توماس برّاك على مدخل السراي الحكومي حيث التقى رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام (إ.ب.أ)

الموفد الأميركي توماس برّاك على مدخل السراي الحكومي حيث التقى رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام (إ.ب.أ)

 

وتُضيف أن الجانب اللبناني أبلغ برّاك بأن زيارة سلام لدمشق واجتماعه بالرئيس السوري أحمد الشرع تركَّزت حول ضرورة المباشرة بترسيم الحدود، وأن لبنان جاهز في أي لحظة للانطلاق بها، ويبقى على الجانب السوري استكمال جهوزيته للبدء في عملية الترسيم، بعد أن نجحت المساعي في ضبط الحدود، خصوصاً تلك المتداخلة بين البلدين، ووضعت حدّاً للمناوشات التي لا خلفية سياسية لها، وتتعلق بتجدد الخلاف بين العصابات على جانبي الحدود التي ترعى كل أنواع التهريب، بما فيها المخدرات والممنوعات.

تصور لبناني لتنفيذ وقف النار

لذلك، فإن برّاك يتوخّى، كما تؤكد المصادر، من تنقُّله ما بين تركيا وسوريا ولبنان وإسرائيل، توفير كل أشكال الدعم للحفاظ على الاستقرار بين هذه الدول، وهو ينتظر حالياً الإشارة من الجانب اللبناني، حسب مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، يُعلمه فيها بأنه انتهى من إعداد تصور شامل لتطبيق اتفاق وقف النار يكون بمثابة آلية عملية لتنفيذه؛ تمهيداً لتطبيق الـ«1701»، شرط أن يكون «حزب الله» طرفاً فيه، وألا يبقى مفتوحاً على مهلة زمنية مديدة، لأن المطلوب الإفادة ما أمكن من عامل الوقت، خوفاً من تلاشي الفرصة المتاحة حالياً للبنان لإخراجه من التأزم والانتقال به لمرحلة التعافي.

 

الموفد الأميركي إلى لبنان توماس برّاك يتحدث في مؤتمر صحافي خلال زيارته إلى بيروت الأسبوع الماضي (رويترز)

الموفد الأميركي إلى لبنان توماس برّاك يتحدث في مؤتمر صحافي خلال زيارته إلى بيروت الأسبوع الماضي (رويترز)

 

فهل ينجح المسؤولون اللبنانيون في تنعيم السلوك السياسي لـ«حزب الله» على نحو يستعجل تطبيق اتفاق وقف النار بكل بنوده الذي التزم به لبنان، وتمردت عليه إسرائيل، ضمن مهلة زمنية مرنة لكنها ليست مفتوحة، بما يسمح لواشنطن بالتدخل بتوفير الضمانات لتنفيذ القرار «1701»، مع أن المجتمع الدولي يعوّل بشكل أساسي على دور لبري في إقناع حليفه بتقديم التسهيلات المطلوبة لتحقيقه بعد أن أوفى بتعهده بأن الحزب لن ينخرط في الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، وهذا ما سهّل مهمة برّاك في زيارته الأولى لبيروت، التي تمحورت حول تحييد لبنان عن الحرب بوصفها واحدة من الأفكار لمساعدته على وضع آلية تطبيقية لاتفاق وقف النار.

قد يهمك