بث تجريبي

أزمة الموازنة تهدد قطاع الدفاع الفرنسي: 6.7 مليارات يورو معلّقة و400 ألف وظيفة على المحك

يواجه قطاع الدفاع في فرنسا أزمة حادة بعد إقرار البرلمان قانونًا خاصًا للموازنة لفترة غير محددة، في خطوة تُنذر بحرمان الجيش من تمويل إضافي قدره 6.7 مليارات يورو كان مقررًا توجيهه لتطوير القدرات العسكرية خلال عام 2026، ما يضع نحو 4500 شركة دفاعية وما يقارب 400 ألف وظيفة في وضع بالغ الحساسية.

وتسود أوساط الصناعات العسكرية مخاوف من تكرار سيناريو العام الماضي، حين اضطرت الشركات إلى انتظار أربعة أشهر للحصول على موازناتها عقب سقوط حكومة ميشيل بارنييه، وهو ما تسبب حينها في اضطرابات مالية وإدارية واسعة.

ونقلت صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية أن القانون الذي أُقرّ الثلاثاء الماضي يقيّد الحكومة بضمان استمرارية مؤسسات الدولة فقط، من دون السماح بإبرام أي التزامات مالية جديدة، إلى حين التوصل إلى توافق سياسي حول قانون مالية 2026.

وحذّر مصدر مقرّب من وزيرة الدفاع كاترين فوترين من أن استمرار هذا الوضع يعني تعطّل عدد كبير من المهام الأساسية للقطاع، مشيرًا إلى أن الصناعات الدفاعية تشغّل نحو 200 ألف وظيفة مباشرة، إضافة إلى ما يقارب 400 ألف وظيفة غير مباشرة.

وكان من المنتظر أن ترتفع موازنة الجيش الفرنسي من 50.5 مليار يورو في 2025 إلى 57.1 مليار يورو في 2026، وفق ما أعلنه الرئيس إيمانويل ماكرون في 13 يوليو الماضي، وذلك بموجب قانون البرمجة العسكرية، الذي يتضمن 3.2 مليارات يورو إضافية، فضلًا عن «دفعة تسريعية» بقيمة 3.5 مليارات يورو.

وتشمل الاستثمارات المخططة زيادة قدرها 500 مليون يورو لشراء الذخائر، و150 مليون يورو للطائرات المسيّرة والروبوتات، إضافة إلى رفع موازنة الفضاء بنسبة 7%، والذكاء الاصطناعي بنسبة 30%، والاستخبارات بنسبة 20%.

ورغم موافقة الجمعية الوطنية في 10 ديسمبر على زيادة الاعتمادات العسكرية بأغلبية واسعة خلال نقاش نظّمه وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، فإن هذا التصويت بقي ذا طابع استشاري غير ملزم قانونيًا.

ويرفض رئيس الوزراء حتى الآن اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور لفرض الموازنة، ما يعني أن الشركات الدفاعية لن تتمكن سوى من تنفيذ الطلبيات المبرمة لعام 2025، دون أي توسع في التعاقدات الجديدة.

وفي محاولة لاحتواء التداعيات، أكدت وزيرة الحسابات العامة أميلي دو مونشالان أمام لجنة المالية البرلمانية أن كل تأخير في التوصل إلى حل وسط سياسي سيؤدي إلى تعميق الأزمة، محذّرة من أن طول أمد الانتظار يهدد الوظائف والاستثمارات في القطاع.

وأعلنت الوزيرة الإفراج عن «احتياطي» موازنة 2025 بقيمة 1.2 مليار يورو لصالح الجيش لإنهاء السنة الجارية، وهو ما وصفه مقرر موازنة الدفاع كريستوف بلاسار بـ«الإجراء المطمئن»، مؤكدًا أن المديرية العامة للتسليح باشرت تنفيذ القرار، ولن تكون هناك انعكاسات سلبية على موازنة هذا العام.

وأوضح بلاسار أن المديرية تستعد لتطبيق الزيادات فور إقرار موازنة 2026، مع إعطاء أولوية للشركات الصغيرة كونها الأكثر تضررًا من أي تأخير، مؤكدًا أن الآثار لن تكون معدومة، لكن السلطات تتحرك لتقليصها قدر الإمكان.

وفي الكواليس، يمارس قصر الإليزيه ضغوطًا متزايدة لدفع الحكومة إلى استخدام المادة 49.3 من أجل إقرار الموازنة سريعًا خلال يناير، خصوصًا أن الأزمة تطال قطاعات استراتيجية أخرى، بينها مكافحة تجارة المخدرات وإدارة أقاليم ما وراء البحار.

وحذّر مصدر رئاسي من أن «القانون الخاص ليس حلًا دائمًا»، موضحًا أن إطالته ستعقّد الوضع المالي والاقتصادي بشكل كبير، في وقت يُنتظر أن يتناول الرئيس ماكرون البعد الجيوسياسي للأزمة في خطابه التقليدي نهاية العام، ما يعكس خطورة الموقف وضرورة حسم ملف موازنة الدفاع سريعًا.

قد يهمك