بث تجريبي

خاص "المبادرة" .. لبنى بن عبدالله: العنف ضد المرأة التونسية ازداد بشكل مخيف منذ الثورة

في تصريحات خاصة لموقع "المبادرة"، قدّمت الباحثة والحقوقية التونسية الدكتورة لبنى بن عبدالله قراءة شاملة لواقع العنف المتصاعد عالمياً، مؤكدة أننا “إزاء ظاهرة كونية” لم تعد مقتصرة على الحروب والاضطرابات، بل تسلّلت إلى تفاصيل الحياة اليومية عبر الفضاءين الواقعي والافتراضي.

وأكدت الدكتورة لبنى أن انتشار مشاهد الدمار والمذابح والاستهانة بالروح البشرية عبر الشاشات ومنصات التواصل ساهم في “استبطان العنف” داخل النفس البشرية، معتبرة أن مواجهة هذا التطبيع تتطلب تعليمًا عميقًا للطفل والمراهق والشاب، يتجاوز المواد العلمية ليشمل الأخلاق والآداب والفلسفة وعلم النفس والاجتماع، وهي مواد تراجع حضورها رغم دورها الحيوي في تهذيب السلوك الإنساني.

وأضافت أن العنف ضد المرأة ليس جديداً، لكنه كان سابقًا أقل ظهورًا ومحصورًا خلف الجدران، بينما أصبح اليوم يمارس في الفضاء العام والفضاء السيبراني عبر الشتم والتنمر وهتك الأعراض والتهديد. وأشارت إلى أن المرأة تبقى الأكثر عرضة للعنف الجسدي والجنسي واللفظي، بدءًا من تفضيل الذكور داخل العائلة وصولًا إلى التمييز في المجتمع، رغم نجاحها في التعليم والعمل واستقلاليتها المتزايدة.

وفي السياق التونسي، أكدت أن حالات العنف ضد المرأة ارتفعت بشكل مخيف بعد الثورة، رغم ما حققته النساء من مكتسبات قانونية وتعليمية منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية عام 1959. وأوضحت أن السنوات الأخيرة شهدت انقطاعًا سنويًا لحوالي 100 ألف تلميذ، وتناميًا للهجرة غير الشرعية، ما ترك آثارًا سلبية عميقة على العلاقات المجتمعية.

وأشارت إلى أن كل مراكز الشرطة باتت تضم “مكاتب العنف ضد المرأة والطفل” لاستقبال شكاوى الضحايا وتحويلها إلى القضاء، إضافة إلى تخصيص رقم أخضر للتبليغ. غير أنّ الظاهرة ما تزال في تصاعد خطير؛ إذ سجلت جمعية “أصوات نساء” في تقريرها لسنة 2024 مقتل 26 امرأة: 13 على يد أزواجهن، 3 على يد آبائهن، 4 من الأقارب، و5 ضحايا قتل على يد مجهولين، عبر الطعن والذبح والخنق. وأضافت أن الأسبوع الماضي فقط شهد مقتل أربع نساء ليبيات بالسلاح، وهو ما اعتبرته مؤشراً مرعباً على تفشي الفوضى وانتشار السلاح.

وترى الدكتورة لبنى أن العنف السيبراني يمثل امتداداً خطيراً للعنف التقليدي، عبر التهديد والتنمر وهتك العرض وتسريب الصور والفيديوهات، مما يجعل الفضيحة “أكثر انتشارًا وأشد وقعًا”. ودعت إلى تطوير التشريعات بسرعة لمجاراة التطور التكنولوجي، سواء في الفضاء الواقعي أو الإلكتروني.

وشددت على ضرورة المراهنة على التعليم القائم على القيم الإنسانية، وليس فقط على المواد العلمية، مع إطلاق حملات توعية واسعة عبر التلفزيون وشاشات الطرقات، بكلمات بسيطة لكنها قادرة على التأثير العميق في وعي الفرد وسلوكه. كما أكدت أن للأسرة دورًا محوريًا في التربية والحد من العنف اللفظي والتحرش اللذين بلغا نسبًا مرتفعة حتى في الدول المستقرة.

وأكدت أن الوضع أكثر قتامة في بلدان الحروب، حيث تصبح المرأة الضحية الأولى لكل أشكال العنف. وكشفت أن دراسة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تشير إلى أن 70% من نساء دول أوروبا الشرقية تعرضن للتحرش أو للعنف، وهي نسب تقترب من الواقع العربي، فيما تعد آيسلندا الأكثر أمانًا للنساء، تليها نيوزيلندا والدنمارك والبرتغال وسلوفينيا.

وختمت الدكتورة لبنى بن عبدالله تصريحاتها بالتأكيد على أن “الأزمة الحقيقية هي أزمة أخلاقية”، مضيفة أن الإنسان في الماضي كان أقل تعليمًا لكنه “كان أكثر أخلاقًا”، ولم يكن العنف ضد المرأة بهذا المستوى من الوحشية والانتشار.

قد يهمك