بث تجريبي

تصاعد نشاط الإخوان في فرنسا .. التحذيرات تتواصل

تجددت المخاوف في فرنسا من تنامي نفوذ تنظيم الإخوان داخل البلاد، بعد صدور نتائج استطلاع جديد لمعهد "إيفوب" بطلب من مجلة "إيكران دو فاي"، كشف عن أرقام وُصفت بأنها "صادمة" وأعادت النقاش حول قدرة الدولة على مواجهة ما تعتبره باريس تمددًا أيديولوجيًا غير مسبوق في أوساط الجالية المسلمة.

وقال مدير المجلة عثمان تزغارت، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" من باريس، إن الاستطلاع الذي يُجرى كل عشر سنوات منذ أربعة عقود أظهر نتائج غير مسبوقة، موضحًا أن هناك "مؤشرات مقلقة" تتعلق بتأييد الأفكار المتطرفة والتيارات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان.

وبحسب الأرقام، يتجاوز عدد المسلمين البالغين في فرنسا 3.8 مليون شخص، بينهم نحو 2.4 مليون يعرّفون أنفسهم بأنهم متدينون. أما الرقم الأخطر، وفق تزغارت، فهو أن قرابة 1.4 مليون شخص يؤيدون التيارات الإسلامية المختلفة، بينهم أكثر من 912 ألفًا يعلنون تعاطفهم مع الإخوان بشكل مباشر.

ويرى تزغارت أن هذه الأرقام لا تعكس الحجم الحقيقي لوجود التنظيم بسبب طبيعته السرية، معتبرًا أن "الفاعل الحقيقي داخل الجماعة لا يجاهر بانتمائه". ويشير إلى أن التحولات المتزايدة منذ آخر استطلاع في 2016 ناتجة عن تراكمات طويلة، ترتبط بجذور اجتماعية وثقافية.

ويلفت إلى أن مظاهر التدين لدى الجالية تتخذ غالبًا شكلًا "طبيعيًا"، لكنها تشهد في المقابل بروز "تدين سام" – على حد وصفه – يقوم على رفض الآخر ووضع القوانين الدينية فوق قوانين الدولة.

ويحمّل تزغارت جزءًا من المسؤولية لسياسات فرنسية سابقة، خصوصًا في التسعينات، حين تُركت الضواحي للجمعيات الإخوانية بدعوى معالجة مشكلات الشباب، ثم جاء عهد الرئيس نيكولا ساركوزي ليشهد، وفق قوله، "تدفقًا كبيرًا للأموال القطرية لدعم الجمعيات الإخوانية"، ما أدى إلى تضخم نفوذها وانتقالها من أقل من 20 مسجدًا إلى أكثر من 280 حاليًا.

ويشير إلى أن هذا المسار تزامن مع شعور متنامٍ بـ"المظلومية" لدى شرائح من الجالية المسلمة، ما أفسح المجال أمام الجماعة لتقديم نفسها كوجه معتدل، بينما تمارس، حسب تعبيره، "حيلة أيديولوجية للتغلغل داخل المجتمع".

أمام هذه التحديات، تواصل الحكومة الفرنسية تشديد الرقابة على الجمعيات والمساجد عبر قانون مبادئ الجمهورية، وتعمل على تدريب الأئمة محليًا لتقليص التأثيرات الخارجية. لكن محللين يرون أن هذه الخطوات جاءت "متأخرة"، وأن خيارات باريس اليوم تتركز بين تعزيز الإجراءات الأمنية والفكرية أو فتح مسارات اندماج جديدة تمنع انزلاق الشباب نحو أفكار مغلقة.

ويؤكد تزغارت أن الملف سيبقى "معقدًا ومفتوحًا"، وأن معالجته تتطلب رؤية أعمق تعيد بناء الثقة بين الدولة والجاليات المسلمة، مع الحفاظ على مبادئ الجمهورية والعلمانية.

قد يهمك