دخل المجلس الأعلى للدولة الليبي على خط الأزمة المتصاعدة حول قانون إنشاء المحكمة الدستورية، في ظل توتر متزايد بين حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ومجلس النواب، بينما تواصل بعثة الأمم المتحدة جهودها لتعزيز الحوار الوطني، وسط تحركات عسكرية لقوات «الجيش الوطني» في الجنوب.
وخلال لقائه عدداً من رؤساء الأحزاب الليبية في طرابلس، أكد رئيس المجلس الأعلى محمد تكالة أن الإصرار على المضي في تنفيذ القانون الذي أبطلت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا شرعيته «يهدد وحدة الدولة ويقوض المسار السياسي»، محمّلاً المسؤولية القانونية والأخلاقية لمن يسعى للمساس بوحدة القضاء الليبي.
وشدد تكالة، في لقاءات جمعته مع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ومجلس حكماء ليبيا، على رفض القانون الذي وصفه بـ«العبثي» و«الأحادي الجانب»، معتبراً أنه «يكرّس الانقسام ويمس بسيادة المؤسسة القضائية»، مؤكداً ضرورة احترام حكم المحكمة العليا الذي أبطل إنشاء المحكمة الدستورية الجديدة.
وترى أوساط سياسية أن موقف المجلس الأعلى للدولة ينسجم مع موقف المجلس الرئاسي الداعم لحكومة الدبيبة في مواجهة مساعي مجلس النواب للسيطرة على صلاحيات المحكمة الدستورية العليا، مما يعمّق الانقسام السياسي ويعيد الصراع حول النفوذ القضائي والمؤسسي.
وكانت محكمة استئناف بنغازي قد قضت مؤخراً بعدم اختصاصها بالنظر في الطعون ضد المراسيم السيادية، وهو ما اعتبره المجلس الرئاسي تعزيزاً لمبدأ الفصل بين السلطات، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن السيطرة على المحكمة الدستورية قد تمنح طرفاً بعينه القدرة على التحكم في نتائج الانتخابات والنزاعات القانونية مستقبلاً.
في موازاة ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا أن «المحادثة الرقمية» التي نظمتها بمشاركة نائبة رئيسها للشؤون السياسية ستيفاني خوري، شهدت تفاعلاً من 867 مشاركاً لمناقشة أولويات الحوار الوطني في محاور الحوكمة والأمن والاقتصاد وحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية، مؤكدة أنها ستوسع المشاركة عبر جلسات واستبيانات إضافية قريباً.
وعلى الصعيد الاقتصادي، بحث وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة خليفة عبد الصادق مع السفير التركي غوفين بيجيتش سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والنفط والغاز، مؤكدين أهمية استمرار التنسيق بين المؤسسات المختصة في البلدين لتطوير القطاع ودعم المصالح المشتركة.
وفي المقابل، واصل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر تحركاته في الجنوب، حيث زار الفريق صدام حفتر بلدية الجفرة مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستكون «مرحلة بناء وتنمية»، مشيراً إلى إطلاق مشاريع إعمار تهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة. كما وصلت قوة عمليات خاصة تابعة للجيش إلى الجفرة، تنفيذاً لتعليمات القيادة العامة.
من جانبه، أكد رئيس أركان قوات حكومة الوحدة محمد الحداد خلال لقائه السفير الفرنسي الجديد تييري فالا، استمرار التعاون العسكري بين البلدين ودعم فرنسا لجهود توحيد المؤسسة العسكرية وتحقيق الاستقرار في ليبيا.