كشفت صحيفة أفريقيا إنتليجنس الفرنسية ، في خطوة سياسية وأمنية تعكس تحولاً في علاقة الخرطوم بواشنطن،أن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان سلّم قائمة بشروطه إلى الإدارة الأمريكية مقابل الانخراط في مبادرة “الرباعية الدولية” التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات.
جاء الاجتماع السري، الذي عُقد في القاهرة منتصف أكتوبر بحضور مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون أفريقيا مسعد بُولُس، عقب لقاء البرهان بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واعتُبر محطة مفصلية في مسار التقارب الحذر بين الجانبين.
قدّم البرهان خلال الاجتماع مطالب محددة لواشنطن، أبرزها توجيه إنذار رسمي لأبوظبي لوقف دعمها العسكري والمالي لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، مع التأكيد على رفض أي مفاوضات مباشرة مع قواته.
غير أن بُولُس لم يمتلك الصلاحية لتقديم التزامات من هذا النوع، ما جعل الخرطوم تشدد على ضرورة تدخل مباشر من البيت الأبيض لتسوية الخلافات.
وفي مؤشر على انفتاح أمني محسوب، وافق مجلس السيادة على نشر عدد من عناصر الاستخبارات الأمريكية في مدينة بورتسودان خلال الأسابيع الماضية، ضمن تفاهمات تُعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب الداخلية.
جاءت هذه الخطوة بعد اتصالات متكررة بين بُولُس والقيادة العسكرية السودانية، في ظل توقعات بتطور التعاون نحو مجالات أوسع تشمل التنسيق في مكافحة الإرهاب ومراقبة الممرات البحرية على البحر الأحمر.
أشار التقرير إلى أن الخلافات بين حميدتي والمبعوث الأمريكي تفاقمت خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، إثر فشل واشنطن في إيصال المساعدات إلى مدينة الفاشر.
زاد هذا التوترمن عزلة قوات الدعم السريع دبلوماسياً، بينما حاول البرهان استثمار الموقف لتعزيز مكانته كشريك موثوق في مسار التسوية الإقليمية.
ورغم الانفتاح النسبي على واشنطن، لا تزال أجهزة الاستخبارات السودانية تبدي تحفظات تجاه الوعود الأمريكية، خاصة ما يتعلق بزيارة وفد اقتصادي من شركات تعدين واستثمار إلى البحر الأحمر.
ويرى مسؤولون سودانيون أن التجارب السابقة في أفريقيا تحذّر من التسويات السريعة التي قد تُعمّق الأزمات بدلاً من حلّها، في حال غابت الضمانات السياسية والأمنية الصلبة.