تواجه العاصمة البريطانية لندن تصاعدًا غير مسبوق في جرائم سرقة الهواتف المحمولة، ما دفع شرطة المدينة إلى شنّ عشرات المداهمات لمحال الهواتف المستعملة خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة متأخرة لمواجهة الظاهرة التي باتت تسيء إلى سمعة المدينة عالميًا.
وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، أصبحت سرقة الهواتف في لندن أكثر جرأة وتنظيمًا، إذ يعتمد اللصوص على الدراجات الكهربائية والأقنعة لتنفيذ عمليات الخطف بسرعة كبيرة. وسُرق نحو 80 ألف هاتف العام الماضي، فيما تكشف بيانات أحدث أن الفترة بين مارس 2024 وفبراير 2025 شهدت الإبلاغ عن أكثر من 106 آلاف حالة، وهو رقم صادم مقارنة بالأعوام السابقة.
المداهمات الأخيرة، التي استهدفت ما يُعتقد أنها شبكة عالمية لتهريب الهواتف، أسفرت عن ضبط 2000 هاتف مسروق ونحو 200 ألف جنيه إسترليني نقدًا. وتشير الشرطة إلى أن جزءًا من الأجهزة يُشحن إلى الخارج بعد تمريرها عبر متاجر الهواتف المستعملة.
ورغم تراجع معدلات الجريمة العامة في لندن خلال السنوات الأخيرة، تُشكل سرقة الهواتف نحو 70% من السرقات في المدينة. وتقول الشرطة إن هذه الجريمة مربحة وسهلة التنفيذ، إذ يمكن أن يجني السارق حوالي 300 جنيه إسترليني لكل هاتف، مقابل مخاطر أقل بكثير من جرائم مثل المخدرات أو سرقة السيارات.
الملاحقات القضائية تكاد تكون معدومة؛ فبين أكثر من 100 ألف بلاغ خلال عام، لم تُوجه الشرطة اتهامات أو تحذيرات إلا لـ 495 شخصًا فقط.
ويرى خبراء أن سنوات التقشف الحكومي وتقليص أعداد الضباط ساهمت في تفاقم الظاهرة، خاصة بعد إعلان شرطة العاصمة عام 2017 توقفها عن التحقيق في بعض الجرائم البسيطة ذات احتمالات الضبط المنخفضة، لصالح التركيز على الجرائم العنيفة.
كما لعب انتشار الدراجات الكهربائية منذ 2018 دورًا كبيرًا في تسهيل عمليات السرقة والهروب الفوري.
إحدى القضايا المفصلية بدأت عندما تتبعت امرأة هاتفها المسروق إلى مستودع قرب مطار هيثرو، حيث عُثر على صناديق متجهة إلى هونغ كونغ تحتوي نحو ألف هاتف "آيفون" مخبأة على أنها بطاريات. هذا الاكتشاف قاد الشرطة إلى كشف تنظيم هرّب ما يصل إلى 40 ألف هاتف مسروق إلى الصين عبر ثلاث طبقات من الشبكات: لصوص الشوارع، ثم أصحاب المتاجر الذين يشترونها، ثم المهرّبون الدوليون.
ووفق مارك جافين، المسؤول عن التحقيق، لم تعد القضية "سرقة شوارع عشوائية"، بل تحوّلت إلى تجارة عالمية منظمة تُدار بعقلية احترافية وتُغذيها الأرباح الضخمة وضعف الردع.