شهدت الحدود بين أفغانستان وباكستان واحدة من أعنف المواجهات العسكرية منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في كابل عام 2021، إذ أعلنت حكومة طالبان، الأحد، مقتل 58 جندياً باكستانياً وإصابة 30 آخرين، خلال معارك اندلعت على طول خط ديورند الفاصل بين البلدين، فيما قُتل 9 من عناصر طالبان في الاشتباكات.
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم حكومة طالبان، خلال مؤتمر صحفي في كابل، إن القوات الأفغانية سيطرت على 25 موقعاً عسكرياً باكستانياً، رداً على ما وصفه بـ”الانتهاكات المتكررة للأراضي والمجال الجوي الأفغاني”، مشيراً إلى أن العملية جاءت بعد سلسلة من الغارات الجوية المنسوبة إلى الجيش الباكستاني على مناطق داخل أفغانستان.
وأضاف مجاهد أن “العملية العسكرية ضد باكستان انتهت عند منتصف الليل”، لكنه حذر من أن أي خرق جديد للحدود سيُقابل برد قوي من جانب القوات الأفغانية، مؤكداً استعداد “الإمارة الإسلامية” للدفاع عن أراضيها “بكل الوسائل المتاحة”.
في المقابل، أدان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف ما وصفه بـ”الاستفزازات الأفغانية الخطيرة”، متوعداً بردٍّ “قوي وفعّال”، وقال في بيان رسمي إن “الدفاع عن باكستان خط أحمر لا يمكن التهاون فيه”، متهماً سلطات طالبان بالسماح لـ”عناصر إرهابية” باستخدام الأراضي الأفغانية لشنّ هجمات ضد باكستان.
وأعقب المواجهات إغلاق المعابر الحدودية الرئيسية بين البلدين، منها معبرا تورخم وشامان، وسط استنفار أمني واسع. وذكرت مصادر أمنية أن الاشتباكات بدأت مساء السبت بعد استخدام طالبان أسلحة خفيفة ومدفعية ثقيلة ضد مواقع باكستانية، ورد الجيش الباكستاني بإطلاق نار كثيف أسقط ثلاث طائرات مسيّرة أفغانية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أعلن وزير الخارجية الأفغاني أن قطر والسعودية تدخلتا للوساطة بين الجانبين لاحتواء التوتر، مشيراً إلى أن “الوضع على الحدود بات طبيعياً الآن”، مؤكداً رغبة بلاده في إقامة علاقات جيدة مع باكستان. كما نفى الوزير وجود مقاتلين من حركة طالبان الباكستانية داخل الأراضي الأفغانية، قائلاً إن “كابل لديها طرق أخرى للتعامل مع الموقف إن رفضت إسلام آباد الحوار”.
وتأتي هذه التطورات بعد انفجارات عنيفة في كابل وجنوب شرق أفغانستان قبل يومين، قالت طالبان إنها نتيجة غارات جوية باكستانية، وهو ما أشعل فتيل المواجهات الحدودية الأخيرة. ويرى مراقبون أن هذه الأحداث تعكس تصاعد التوتر التاريخي بين البلدين الجارين، في ظل تبادل الاتهامات بشأن دعم الجماعات المسلحة والنزاع حول إدارة الحدود المشتركة.
نبض الشرق