غيرت إسرائيل قواعد الاشتباك في اليمن من جديد، حيث أعلنت تل أبيب أن قصفها للعاصمة اليمنية صنعاء استهدف قيادات حوثية عسكرية لأول مرة منذ بدء غاراتها، وهو ما أدى - بحسب المصادر - إلى مقتل رئيس الوزراء في حكومة الحوثيين، أحمد الرهوي. يثير هذا التطور تساؤلات حول مستقبل الضربات الإسرائيلية، وما إذا كانت قيادات الحوثيين ستلقى مصير قيادات في حماس وحزب الله.
استهداف اجتماع عسكري لكبار القيادات
أعلنت إسرائيل أن سلاح الجو نفذ غارات على “هدف عسكري” تابع لجماعة الحوثي في صنعاء، ورجحت أن تكون الضربات قد استهدفت اجتماعًا لقيادات رفيعة داخل الجماعة، إضافة إلى منازل قادة آخرين، مؤكدة أن “القيادة العليا للحوثيين قد تضررت”.
وفي تعليق من غرفة العمليات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس: “بعد ضربة الظلام، جاءت ضربة الأبكار، ومن يرفع يده على إسرائيل ستُقطع يده”، في إشارة إلى استمرار العمليات ضد الحوثيين.
وتحدثت إسرائيل عن تصفية قيادات سياسية وعسكرية بارزة للحوثيين، بمن فيهم وزير الدفاع وعدد من وزراء الحكومة وضباط بارزون من هيئة الأركان، حيث استخدم سلاح الجو عشر قنابل يزن كل منها طنًا.
ونُفذت العملية بينما كان زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، يلقي خطابًا، حيث استهدفت الغارة مبنى في صنعاء كان يضم أجزاء واسعة من النخبة السياسية والعسكرية للحوثيين، وذلك استنادًا إلى معلومات استخباراتية وُصفت بـ”الدقيقة للغاية”، مع ترجيحات بأن جميع الحاضرين قد قُتلوا أو أُصيبوا.
وكشفت القناة الـ14 الإسرائيلية أن عملية صنعاء حملت اسم “قطرة حظ”، وتمت بتنسيق بين سلاحي الجو والبحرية الإسرائيليين.
وتحدث الإعلام الإسرائيلي أن المستهدف الأول هو وزير الدفاع التابع للحوثيين ورئيس أركانه اللواء محمد عبد الكريم الغماري، وخرج الأخير بعد نجاته من القصف بتصريحات متوعدة للإسرائيليين.
الشيخ رعد الشغدري، وكيل أول محافظة ذمار التابعة للحوثيين
في المقابل، نفى الشيخ رعد الشغدري، وكيل أول محافظة ذمار التابع لحكومة أنصار الله الحوثيين، في تصريح خاص لموقع “المبادرة”، وجود أي تأثير للضربة الإسرائيلية على الجيش اليمني، مؤكدًا أنها استهدفت بالأساس أعيانًا مدنية.
وأضاف أن ذلك يدل على عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أي هدف ضد القوات المسلحة اليمنية، مشددًا على أن الأنباء عن اغتيال أي قيادي هي “أخبار عارية عن الصحة”.
تطور القصف: من البنية التحتية إلى الاغتيالات
نصر هرهرة، مقرر الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي
من جانبه، يقول نصر هرهرة، مقرر الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، في تصريح خاص لموقع “المبادرة”، إن هذه الضربات تعد تطورًا جديدًا، حيث استهدفت لأول مرة دار الرئاسة ومساكن في منطقة حدة، وهو حي راقٍ، إضافة إلى معسكر للأمن المركزي؛ لأن القصف السابق كان يستهدف بنية تحتية بهدف خنق الحوثي اقتصاديًا وخدميًا.
وأضاف هرهرة أن إسرائيل أعلنت في البداية استهداف قيادات سياسية، لكنها عادت لاحقًا لتقول إنها استهدفت قيادات عسكرية، بينما تنفي جماعة الحوثي استهداف أي قيادات، وتؤكد أن القصف طال أعيانًا مدنية.
وأوضح أنه يرجح استهداف قيادات سياسية أو عسكرية بالفعل، ويتضح ذلك من المواقع المستهدفة، مشيرًا إلى “معلومات مسربة عن مقتل رئيس وزرائهم، أحمد غالب الرهوي، في القصف الإسرائيلي”.
وأشار هرهرة إلى وجود اختراق تقني أو بشري أتاح رصد تجمعات قيادية تم استهدافها بهدف “ضرب رأس القيادة الحوثية وإرباكها”.
تأثير الضربة على الحوثيين
يظل السؤال الأكبر حول تأثير الضربة على قدرات الحوثيين، وبالتالي على معادلة القصف المتبادل بين الجماعة وإسرائيل، حيث جاءت الضربة ردًا على إطلاق صواريخ باليستية بشكل شبه يومي ضد إسرائيل.
يشدد الشغدري على أن الشعب اليمني وبنيته التحتية هما من يدفعان فاتورة القصف الإسرائيلي، ولكنه يرى أن اليمنيين “اعتادوا على ذلك، وهو ما يجعلهم أكثر التفافًا حول قيادتهم”.
وحول هذا التأثير، يرى هرهرة أن الضربة هدفت إلى تعقب القيادات السياسية والعسكرية، وفي الوقت نفسه كسر هيبة الحوثي أمام الشعب، مبينًا أن رد الفعل الحوثي يعتمد على الموقف الإيراني مع أمريكا وإسرائيل، خاصة مع وجود تصريحات إيرانية تقول إنها تنقل التصنيع العسكري إلى دول أخرى، وقد تكون مناطق سيطرة الحوثي أحد تلك الأماكن.
صالح علي بلال، مدير ميناء قنا التجاري
بينما يقول صالح علي بلال، مدير ميناء قنا التجاري، في تصريح خاص لموقع “المبادرة”، إن الضربة الأخيرة جاءت بمباركة أمريكية، “وذلك لأن إسرائيل وكيلة لأمريكا، ولا يمكن أن تقوم بالهجوم الأخير بدون موافقة أمريكية”.
وأوضح أن وضع الحوثيين صعب من الناحية الاقتصادية، مع ازدياد سخط الحاضنة الشعبية، خاصة وأن الضربات تستهدف في الأساس البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطن.
من زوايا العالم