بين ألمانيا التي بلغ عدد ضحايا العنف المنزلي فيها رقمًا قياسيًا، وإيطاليا التي لا توجد فيها بيانات رسمية حول عدد ضحايا العنف بين الشريكين، وزيادة هذا النوع من العنف في البرتغال، تتصاعد في البلدان الأوروبية موجة غير مسبوقة من العنف المنزلي، والتي يصل بعضها إلى جرائم وحشية.
ورصد تقرير لـ"يورونيوز" نسب العنف المنزلي في عدد من دول الكتلة الأوروبية، والتي تراوحت بين الارتفاع المطرد والانخفاض الطفيف، مع تزايد تدابير حماية النساء الناجيات من العنف المنزلي والمراهقين.
بلغ عدد ضحايا العنف المنزلي في ألمانيا رقمًا قياسيًا جديدًا في عام 2024، وفقًا لما ذكرته صحيفة "فيلت آم زونتاج" الألمانية، نقلًا عن أحدث بيانات المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA).
ويُظهر التقرير تسجيل حوالي 256,942 حالة، وهو رقم غير مسبوق. وبالمقارنة بالعام السابق، يمثل هذا زيادة بنحو 3.7%، على الرغم من أن الخبراء يحذرون من أن عدد الحالات غير المبلّغ عنها من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير، حيث إن العديد من الجرائم في الأماكن الخاصة لا يتم الإبلاغ عنها في كثير من الأحيان.
وقبلها، في عام 2023، أظهرت الإحصاءات الرسمية أن عدد جرائم قتل النساء في ألمانيا كان بالفعل أعلى بثلاث مرات تقريبًا مما كان عليه في العام السابق.
وفي المتوسط، تُقتل امرأة كل يوم تقريبًا، وفي معظم الحالات، يكون الجاني هو الشريك (السابق).
وحتى اليوم، لا تزال الطريقة التي يتم بها الإبلاغ عن جرائم قتل النساء تثير المشاكل، وخاصة في وسائل الإعلام الألمانية، حيث يتم تعريف جرائم قتل النساء بأنها "دراما علاقات" حيث "يفقد الجناة السيطرة على أنفسهم".
وبناءً على الأرقام المتزايدة، يُقترح في ألمانيا استخدام أساور الكاحل للمجرمين، على غرار النموذج الإسباني. وقد تم بالفعل استخدام هذه الأنظمة في ولايتي هيسن وساكسونيا، وتقول الحكومة الفيدرالية إنها تخطط لإصدار لائحة تنظيمية على مستوى البلاد.
في إيطاليا، لا توجد بيانات رسمية حول عدد ضحايا العنف بين الشريكين أو العنف المنزلي التي تسجلها الشرطة كل عام.
لكن، تلقى الخط الساخن لمكافحة العنف 48,000 مكالمة ورسالة نصية في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، بزيادة قدرها 57% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
وتُظهر الأرقام التي نشرتها وزارة الأسرة والمواليد وتكافؤ الفرص الإيطالية أن العديد من النساء طلبن المساعدة بعد جريمة القتل الوحشية التي راحت ضحيتها طالبة الجامعة جوليا تشيتشيتين في نوفمبر 2023، والتي أثارت جدلًا واسع النطاق حول جرائم قتل النساء في البلاد.
وقُتلت تشيتشيتين على يد صديقها السابق فيليبو توريتا، الذي أُلقي القبض عليه بالقرب من لايبزيج بعد فراره إلى ألمانيا.
في البرتغال، قالت الشرطة إنها ألقت القبض على 1,281 شخصًا للاشتباه في ارتكابهم أعمال عنف منزلي في عام 2024، بزيادة قدرها 310 (أو 32%) عن الاعتقالات، و282 (1.8%) عن التقارير مقارنة بالعام السابق.
أيضًا، سجلت شرطة العاصمة 15,781 شكوى تتعلق بالعنف الأسري. ومن بين 1,281 حالة اعتقال مسجلة، كانت 625 حالة تلبس، وفقًا للشرطة.
أما في إسبانيا، وبحسب المعهد الوطني للإحصاء، فسجلت البلاد 8,860 ضحية للعنف المنزلي صدرت ضدهم أوامر حماية أو أوامر تقييدية في عام 2024، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 2.9% مقارنة بالعام السابق.
وأظهرت بيانات رسمية أن 60.6% من هؤلاء الضحايا كانوا من النساء، في حين بلغت نسبة الرجال 39.4%. لكن بشكل عام، انخفض عدد جرائم قتل النساء في إسبانيا بنحو الثلث منذ عام 2003.
في الوقت نفسه، يشهد عدد الجرائم الجنسية المُبلّغ عنها ارتفاعًا مستمرًا منذ سنوات. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ذلك يعود إلى زيادة فعلية في العنف الجنسي أم إلى تزايد الرغبة في الإبلاغ عن الجرائم.
وتُرجع وزارة الداخلية الإسبانية هذه الزيادة، جزئيًا على الأقل، إلى تراجع تسامح المجتمع مع هذه الجرائم اليوم، وتزايد الرغبة في الإبلاغ عن مرتكبيها.
أعلنت الشرطة الرومانية أن أكثر من 61 ألف حالة عنف منزلي تم الإبلاغ عنها في الأشهر الستة الأولى من عام 2025، بنسب متساوية تقريبًا في المناطق الحضرية والريفية.
وتدخل ضباط الشرطة هناك في 61,431 حالة عنف منزلي في النصف الأول من عام 2025. ومع ذلك، تُظهر الأرقام أن عدد الجرائم المتعلقة بالعنف المنزلي انخفض بنسبة 19% في الأشهر الستة الأولى من العام مقارنة بالعام السابق: من 28,117 إلى 22,742.
وبنسبة 56% (12,807)، شكّل "الضرب وأشكال العنف الأخرى" النسبة الأكبر من الجرائم في رومانيا.
على العكس في بولندا، لا تتوفر أرقام حديثة لضحايا العنف الأسري، ولكن في عام 2023، تم تقديم قانون يتضمن تدابير إضافية يمكن اتخاذها ضد مرتكبي العنف المنزلي، بما في ذلك البرامج النفسية والعلاجية التي تهدف إلى "منع الجاني من الاستمرار في استخدام العنف وتطوير مهارات ضبط النفس وإدارة الصراعات غير العنيفة".
وبحسب دراسة أجرتها الحكومة، فإن 60% من النساء البولنديات تعرضن للعنف المنزلي، كما لا يعتقد 10% من الرجال أن الاغتصاب الزوجي جريمة.
تشير الأرقام في إنجلترا وويلز من العام الماضي حتى مارس 2024 إلى أن حوالي 2.3 مليون شخص في سن السادسة عشرة قد تعرضوا لشكل من أشكال العنف المنزلي. من بين هذا العدد، كان هناك 1.6 مليون امرأة و712 ألف رجل.
ووفقًا لتقرير العنف المنزلي لعام 2024 الصادر عن منظمةWomen's Aid، أفادت الخدمات الاجتماعية أن الناجيات بنسبة 79.8% غالبًا لم يكن لديهن ما يكفي من المال لدفع ثمن الأشياء التي يحتجن إليها وأطفالهن، وأن 78.8% يعتمدن على بنوك الطعام.
كما أفادت نسبة مقلقة بلغت 62.5% من الخدمات أن الضحايا غير قادرات اقتصاديًا على ترك الجاني.