سلط تقرير لوكالة فرات للأنباء الضوء على مواقف الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، والتي تجسدت مؤخراً من خلال المسارعة إلى تجهيز مساعدات لإرسالها إلى محافظة السويداء، في إطار الدعم والمساندة بعد ما تعرضت له الفترة الماضية.
وجاءت المساعدات التي جهزتها الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا إلى محافظة السويداء في توقيت مفصلي، بعد التصعيد الأمني والانتهاكات التي شهدتها مؤخراً، لتعيد إلى الأذهان مشاهد التضامن التي أبدتها الإدارة في مناسبات مشابهة، لا سيما أثناء مجازر الساحل السوري.
وفق الوكالة، مرة أخرى، تثبت الإدارة الذاتية أنها تتجاوز الاصطفافات السياسية والمناطقية، وتضع وحدة الشعب السوري ومعاناته في مقدمة أولوياتها؛ فالرسالة التي وجهتها الإدارة من خلال هذه الخطوة ليست إنسانية فحسب، بل سياسية ووطنية أيضاً، تؤكد من خلالها تمسكها بخيار سوريا ديمقراطية تعددية، يكون فيها جميع السوريين شركاء في الحقوق والكرامة، من دون تمييز على أساس قومي أو طائفي.
واجب وطني
في هذا السياق، يقول غريب حسو الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)) إن الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم شمال وشرق سوريا لا تتمنى من الأساس أن يتعرض أي مكون سوري أو أي منطقة إلى هجمات شرسة، أو إلى مجازر وتكون بحاجة إلى تقديم مساعدات لها، موضحاً أن المساعدات عمل اجتماعي أخلاقي، وهناك العديد من المنظمات تقدم المساعدات لإنقاذ المجتمعات التي تتعرض لمثل هذه الأحداث.
وأضاف" أنه في ظل ما تعرض له بعض المكونات السورية من جرائم، نجد أنه من الطبيعي من الناحية الإنسانية، ومن حسّنا الوطني الحقيقي كأحزاب سياسية وإدارة ذاتية، أن نقوم بتقديم مساعدة إنسانية أخلاقية لتلك المنطقة، منوهاً إلى الحزن والألم الشديد لما جرى، ولما تتعرض له المكونات السورية من جرائم عديدة، مشيراً إلى أنه سبق للإدارة الذاتية أن قدمت ولا تزال تقدم المساعدات لأهلنا وأشقائنا وإخواتنا في الساحل السوري، وفي نفس الوقت فقد جاهدت لتقديم المساعدة للدروز الذين تعرضوا للإهانة والتنكيل وسط صمت من المجتمع الدولي".
ويشدد الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي" على أن هذه المساعدات حين تخرج من قبل الإدارة الذاتية؛ فإن هدفها الحفاظ أو إنقاذ ما تبقى من هذا المكون (الدرزي)، الذي هو من الأسس المهمة التي يقوم عليها الإرث الثقافي والتاريخي السوري، مؤكداً أن هذه المكونات والثقافات تتعرض للإبادة والمجازر دون مساندة أو دعم، ولهذا جاء تحركنا في إطار شعورنا الوطني".
موضع ترحيب وتقدير
بدوره أعرب الناشط السياسي الدرزي ماجد وهبي عن ترحيبه بقرار الإدارة الذاتية بإرسال المساعدات إلى السويداء، لا سيما في ظل ما تمر به المحافظة من ظروف غير مسبوقة، مؤكداً أنه خلال 7 إلى 10 أيام إذا لم تدخل مواد إغاثية فإن الأوضاع ستكون صعبة للغاية.
وأضاف: "نرحب بهذه المساعدات، ونشكر كل طرف يقدم هذه المساعدات، نرحّب بها ليس انطلاقاً من كوننا دروزاً وإنما انطلاقاً من وازع إنساني"، متابعاً: "نشكر كل من يساعدنا ويدعمنا، لأننا عملياً اليوم محافظة منكوبة"، معرباً عن أمنياته أن تحل هذه الأزمة، فالموضوع إنساني أكثر منه سياسي الآن.
سوريا الشراكة والكرامة
وتأتي هذه المبادرة استمراراً لمواقف سابقة، عبّر عنها مسؤولو الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية، حيث شددوا مراراً على أن مشروع الإدارة لا يقتصر على المناطق ذات الغالبية الكردية، بل يسعى لبناء نموذج حكم تشاركي في عموم سوريا، كما أن هذه المبادرات تحمل دلالات عميقة حول وحدة النضال السوري، في مواجهة التهميش والاستبداد، حسب الوكالة.
وأكد تقرير الوكالة أن التقاء المواقف الكردية والدرزية في مثل هذه اللحظات أمر يأتي خارج حسابات السياسة التقليدية، ويؤسس لمرحلة جديدة تقوم على احترام الخصوصيات ورفض الإقصاء؛ فالمساعدات المرسلة للسويداء ليست مجرد شحنة إغاثية، بل تعبير رمزي عن سوريا الممكنة، سوريا التي لا تميز بين جبل الزاوية والساحل، ولا بين الحسكة والسويداء، سوريا التي تبني على الشراكة والكرامة لا على الهيمنة والقمع.
من زوايا العالم
نبض الشرق