بث تجريبي

شاب مصري في رسالة لـ"أوجلان": سيبقى صوتك فوق كل محاولات الطمس

رسالة إنسانية مؤثرة كتبها شاب مصري، موجهة للمفكر الأممي عبدالله أوجلان، تعكس بلا شك كيف تجاوز تأثير القائد (آبو) حدود الجغرافيا الكردية نحو العالم، خاصة بين شعوب الشرق الأوسط، التي رأت في فلسفته نهجاً للتحرر من الاستبداد والتهميش، وسبيلاً للعيش بكرامة.

الرسالة كتبها محمد أبورستم، طالب يدرس التاريخ بإحدى الجامعات المصرية تحت عنوان: "رسالة دعم وإجلال إلى القائد عبدالله أوجلان"، وجاء فيها:

"إلى القائد الأممي الحر عبد الله أوجلان، أكتب إليك من قلبٍ يعرف الحق، ويدرك معنى النضال الحقيقي. أنا بورستم، طالب في قسم التاريخ الحديث والمعاصر، تحت إشراف أستاذي الدكتور محمد رفعت الإمام، وقد قمت أنا وزملائي بتنظيم إشادة خاصة بحريتك في الجامعة. كان لي شرف المساهمة بشكل مباشر في دراستك كظاهرة نضالية وفكرية، حيث غصتُ في عمق حياتك، وتتبعت بصماتك التي ما زالت تُلهم الأحرار".

ثورة وعي

ويضيف في رسالته: "إن تأسيسك لحزب العمال الكردستاني في 27 نوفمبر 1978 لم يكن مجرد إعلان سياسي، بل كان نقطة اشتعال لثورة وعي كردية ضد إنكار الدولة التركية لحقوق ملايين الكرد. ومنذ انطلاق الكفاح المسلح عام 1984، أصبح اسمك رمزاً للصمود، ليس في الجبال فقط، بل في كل بيت يعاني الظلم والإقصاء".

وتابع الطالب المصري في رسالته: "لقد كتبت من محبس إمرالي ما فاق الكتب، حين قلت: (الحرية لا تُمنح... تُنتزع بالوعي)، وكانت كلماتك أشبه بوصايا تُلهب العقول قبل القلوب. دعوتك الجريئة في السنوات الأخيرة، من قلب الأسر، إلى الحوار والديمقراطية، أثبتت أنك أكبر من الصراع المسلح، وأن مشروع (الكونفدرالية الديمقراطية) الذي طرحته هو رؤية بديلة لبناء شرق أوسط عادل ومتعدد. لقد حولتَ النضال الكردي من مطلب إلى فلسفة".

وفي ختام رسالته يقول: "القائد أوجلان...   أنت من اختار أن يواجه دولة بكاملها دفاعاً عن صوت شعب يُراد له أن يُسكت، ولكنك اخترت الكلمة، الفكر، التنظيم، والمقاومة بكل صورها، لتُعيد للكرد معنى الوجود. أكتب إليك اليوم، لا فقط دعماً لك، بل عهداً بأن نظل نحمل فكرك وننقله إلى الأجيال القادمة، وأن نرفع صوتك بين قاعات الدرس، وصفحات التاريخ". وأكد: "ستبقى القضية الكردية حيّة طالما بقي أمثالك، وسيبقى صوتك فوق كل محاولات الطمس"، داعياً إلى "الحرية لأوجلان، والكرامة للشعوب".

ليست هذه الرسالة سوى لافتة جديدة على أن صوت القائد، رغم العزلة والسجن في إمرالي، لا يزال يطرق القلوب الحرة في كل مكان، من كردستان حتى دلتا النيل. ففي زمن تتوارى فيه القيم خلف الضجيج، يظهر شباب كـ "أبورستم"، ليتأكد أن الفكر الصادق لا تحدّه الجغرافيا، وأن الأمل في شرق أوسط جديد يبدأ من كلمة حرة، ورسالة مخلصة، وعهد لا يخونه الزمن.

                                                               الطالب المصري محمد بورستم

أنا متعلق بـ "أوجلان"

"حبي له نابع من قلبي .. أنا متعلق بأوجلان وبفكره"، بتلك العبارة استهل محمد أبورستم حديثه، في تصريحات نقلتها وكالة فرات للأنباء، بعد أن تواصلت معه حول رسالته، مضيفاً: "الفضل في معرفتي بالقائد (آبو) يعود للأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، فأنا طالب بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة دمنهور (جامعة مصرية)، ومن متابعتي لفكر أوجلان بدأت أشعر أنه يوجد عالم مشترك بينه وبيني".

وأضاف أنه شارك في تجربة المحاكاة التي نظمت في إطار دراسة مادة قضايا تاريخية معاصرة، التي تناولت شخصيات نضالية ومؤثرة بارزة، مثل القائد أوجلان والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات والجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، حيث قال: "جسدت شخصية (آبو)، وعشت الشخصية كأني هو، لدرجة أني كنت أشعر بضيق شديد للغاية من أي اتهامات ظالمة توجه له من الأطراف الأخرى المشاركة في المحاكاة مثل من يجسد دور النظام التركي".

"أذكر أني بكيت خلال إحدى بروفات المحاكاة"، بتلك العبارة واصل الشاب المصري حديثه: "في إحدى بروفات المحاكاة مثلت الشعب الكردي عندما تغيب الزميل المنوط به هذا الدور، وأنا أتحدث عن هذا الشعب بكيت مما قيل عن القائد أوجلان"، منوهاً: "تعلمت من أوجلان الثبات على الفكر والقضية، وتمسكه بحقه في قضيته، وكيف كان أباً رغم وجوده في السجن".

ويضيف في ختام حديثه: "لم يكن أوجلان يؤمن إلا بالسلام، فقد لجأ للكفاح المسلح اضطرارياً، بدأ بالنضال السلمي وطالب بالحقوق سلمياً، لكن النضال المسلح جاء كوقفة جريئة حتى يعترف النظام التركي بحقوق الكرد على الأقل في التفاوض، لنصل اليوم إلى نداء السلام الذي أطلقه القائد في فبراير، الذي بنضاله عكس كيف تحول موقع الكرد من شعب مهمش تماماً إلى شعب يتم التفاوض معه في إطار عملية السلام".

ربما لا يعرف أوجلان الشاب المصري الذي كتب إليه الرسالة، لكن ما كتبه أبورستم يكشف أن الكلمات الصادقة لا تحتاج إلى إذن للوصول، إنها تتجاوز الزنازين والحدود، لتصنع جسوراً من الوعي بين الشعوب. هكذا تتحول قضية عادلة إلى قضية إنسانية، وهكذا يثبت أوجلان أنه ليس مجرد قائد لقضية كردية، بل رمز عالمي لكل من ينشد الحرية والكرامة.

قد يهمك