أعلنت البعثة السلوفينية، التي تستعد لتولي رئاسة مجلس الأمن الدولي اعتبارًا من الشهر المقبل، أن ممثلي الدول الـ15 الأعضاء سيقومون بجولة ميدانية إلى سوريا ولبنان في مطلع ديسمبر، في خطوة تعكس اهتمامًا دوليًا متجددًا بملفات المنطقة السياسية والأمنية.
وبحسب البيان، سيبدأ سفراء الدول زيارتهم للعاصمة السورية دمشق في الرابع من ديسمبر، وذلك قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى للإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد.
وعقب انتهاء الزيارة إلى دمشق، سيتوجه أعضاء المجلس إلى بيروت في الخامس من ديسمبر، على أن ينتقلوا بعدها بيوم واحد إلى جنوب لبنان للقاء قوات "يونيفيل" التابعة للأمم المتحدة، والتي من المقرر أن تنهي مهامها في البلاد بحلول عام 2027 بعد أكثر من أربعة عقود قضتها كقوة فاصلة بين لبنان وإسرائيل منذ عام 1978.
وتأتي هذه الجولة الميدانية في سياق سياسي حساس، إذ يتهم لبنان إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر 2024، عبر استمرار الضربات العسكرية وبقاء قواتها داخل الأراضي اللبنانية، ما يعيد توتير الحدود الجنوبية في ظل هشاشة الهدنة مع حزب الله.
وتسعى الأمم المتحدة، عبر هذه الزيارة الرفيعة المستوى، إلى تقييم الوضع الراهن على الأرض وتأكيد التزامها بدعم الاستقرار في كل من سوريا ولبنان في ظل تصاعد التحديات الإقليمية.
تأتي زيارة مجلس الأمن الدولي إلى سوريا ولبنان في توقيت يحمل دلالات سياسية وأمنية مهمة، إذ تشهد المنطقة تحولات عميقة منذ نهاية عام 2023، عقب الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، فيما تسعى الأمم المتحدة إلى تثبيت وجودها في العاصمة وإعادة تفعيل دورها في الإشراف على العملية الانتقالية.
أما لبنان، فيواجه منذ سنوات تحديات متعددة تشمل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وانقسامات سياسية داخلية، وتوترات أمنية على الحدود الجنوبية مع إسرائيل. وقد تصاعدت حدة التوتر بعد اندلاع الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله خلال عام 2024، قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر من العام نفسه.،ورغم الهدنة، لا تزال بيروت تتهم تل أبيب بارتكاب خروق متكررة، ما يجعل مهمة قوات "يونيفيل" أكثر تعقيدًا قبل انتهاء ولايتها عام 2027.
ويمثل انتقال رئاسة مجلس الأمن إلى سلوفينيا فرصة لإعادة تسليط الضوء على هذين الملفين، خصوصًا في ظل رغبة المجتمع الدولي في دعم الاستقرار الإقليمي ومتابعة مسار التسوية السياسية في سوريا ومراقبة التزام الأطراف في لبنان باتفاق وقف إطلاق النار.
كما تأتي الزيارة في سياق تقييم شامل لأدوار البعثات الأممية في المنطقة، بما فيها مستقبل "يونيفيل" وتوازناتها بعد أكثر من أربعة عقود من انتشارها جنوب لبنان.
هذه الخلفية تعطي الزيارة وزنًا إضافيًا، إذ تُعد أول تحرّك ميداني مشترك لممثلي الدول الأعضاء منذ التحولات السياسية الأخيرة في سوريا وتصاعد التوترات الأمنية في لبنان، ما يجعلها محطة حاسمة في صياغة رؤية دولية جديدة تجاه ملفات الشرق الأوسط.