في ظل تزايد المخاوف الدولية بشأن تدهور الوضع الإنساني في شمال دارفور، أقرّ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في جلسة استثنائية عقدت في 14 نوفمبر 2025، قراراً يقضي بتكليف بعثة مستقلة لتقصّي الحقائق بالتحقيق الفوري والشامل في الانتهاكات التي شهدتها مدينة الفاشر.
ويعكس اعتماد القرار بالإجماع ومن دون تصويت حجم القلق الدولي المتنامي حيال خطورة ما يجري وضرورة التدخل السريع لحماية المدنيين ووقف الجرائم بحقهم.
رحّبت مجموعة محامو الطوارئ بالقرار الأممي، واعتبرته خطوة محورية نحو تعزيز العدالة والمساءلة.
وأكد بيان صادر عن المجموعة أن قرار المجلس نصّ على تمكين البعثة المستقلة من جمع الأدلة، وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات، وتقديم توصيات ملزمة لمنع الإفلات من العقاب.
وأعربت المجموعة عن شكرها للدول التي دعت لعقد الجلسة الاستثنائية، وفي مقدمتها المملكة المتحدة ودول مجموعة النواة مثل ألمانيا وإيرلندا وهولندا والنرويج، مشيرة إلى أن تمرير القرار دون اعتراض يؤكد التزام المجتمع الدولي بحماية المدنيين ودعم آليات العدالة الدولية.
طالبت محامو الطوارئ كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بوقف الانتهاكات فوراً وضمان حماية المدنيين وتأمين حرية التنقل داخل وخارج الفاشر.
كما شددت المجموعة على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وخاصة الغذاء والمياه والإمدادات الطبية، إلى المناطق المتضررة.
ودعت إلى التعاون الكامل مع بعثة تقصي الحقائق، بما يشمل منحها حرية الوصول إلى جميع المواقع المتضررة، وتوفير الحماية اللازمة للشهود ولأعضاء البعثة من أي تهديدات.
أكدت المجموعة أن على الأطراف المتحاربة الالتزام الصارم بـ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والامتناع عن أي أعمال قد ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وحذّرت من محاولة العبث بالأدلة أو إتلافها، مشددة على أهمية نشر نتائج التحقيق وإحالة الملفات لمجلس حقوق الإنسان.
كما أشارت إلى أن تقديم المتورطين للعدالة، سواء عبر المحاكم الوطنية أو الآليات الدولية، يعد شرطاً أساسياً لضمان المساءلة وعدم حماية أي جهة ثبت تورطها في الجرائم.
بسطت قوات الدعم السريع، في 26 أكتوبر الماضي، سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور، ما أدى إلى موجة واسعة من الانتهاكات.
وتنوعت تلك الانتهاكات بين قتل واستهداف للمدنيين، ونهب ممتلكات عامة وخاصة، واعتقالات تعسفية، إضافة إلى فرض قيود على حركة السكان ومنع خروجهم الآمن من المدينة.
منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في أبريل 2023، يعيش السودان واحدة من أسوأ أزماته الإنسانية، حيث تسببت المعارك في موجات نزوح ضخمة، وانهيار للخدمات الأساسية، وتدهور حاد في الوضع الغذائي والصحي، إلى جانب اتساع رقعة الانتهاكات في مختلف الأقاليم، وتؤكد هذه التطورات أن الأزمة السودانية باتت تمثل تهديداً إنسانياً وأمنياً متفاقماً يتطلب تحركاً دولياً عاجلاً.