تعيش مصر اليوم، السبت الأول من نوفمبر، على وقع حدث تاريخي استثنائي مع الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، في احتفالية ينتظرها الملايين حول العالم بوصفها لحظة فاصلة في مسيرة الحضارة المصرية الحديثة.
وفي قلب هذا الحدث العالمي، يبرز اسم الموسيقار هشام نزيه، الذي أوكلت إليه مهمة تأليف الموسيقى الرسمية للحفل، ليمنح الأمسية لمسة فنية تجمع بين الأصالة والحداثة، وتعيد للأذهان عبق التاريخ بروح فنية معاصرة. فاختياره لم يكن محض صدفة، بل تتويجًا لمسيرة مبدع جعل من الموسيقى لغةً تروي سيرة الوطن.
وُلد هشام نزيه في 23 أكتوبر عام 1972، وبدأ مسيرته الفنية في مطلع التسعينيات، ليصبح خلال ثلاثة عقود أحد أبرز مؤلفي الموسيقى التصويرية في العالم العربي.
قدّم أعمالًا خالدة لأفلام شهيرة مثل هيستيريا، الساحر، السلم والثعبان، تيتو، بلبل حيران، إكس لارج، والفيل الأزرق بجزأيه، إلى جانب موسيقى درامية لامست الوجدان في مسلسلات مثل نيران صديقة، السبع وصايا، العهد، وشربات لوز.
وفي كل تجربة، أثبت نزيه أن الموسيقى قادرة على رواية القصة دون كلمات، وأنها تحمل مشاعر لا تستطيع اللغة التعبير عنها.
امتد صدى إبداع هشام نزيه إلى العالمية، حين تولى تأليف الموسيقى التصويرية لمسلسل Moon Knight من إنتاج شركة Marvel الأميركية، لينال عنه ترشيحًا لجائزة إيمي الـ74 كأفضل موسيقى تصويرية، إضافة إلى ترشيحه لجائزة الموسيقى التصويرية العالمية.
وفي عام 2018، نال جائزة فاتن حمامة للتميز من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كأول موسيقي مصري يحقق هذا التكريم، قبل أن ينضم إلى أكاديمية فنون وعلوم السينما الأميركية المانحة لجوائز الأوسكار، في إنجاز يليق بمكانته الفنية الرفيعة.
اختيار نزيه لتأليف موسيقى حفل افتتاح المتحف المصري الكبير جاء امتدادًا للنجاح الكبير الذي حققه في موكب المومياوات الملكية عام 2021، حين أبهرت موسيقاه العالم بإيقاع يمزج بين جلال التاريخ المصري القديم وروح العصر.
وفي الافتتاح المرتقب، يُنتظر أن يقدم توليفة جديدة تجمع بين فخامة التراث وجرأة الإبداع الحديث، لتعكس الصورة التي تسعى مصر لتقديمها للعالم: دولة تفخر بماضيها وتتجه بثقة نحو المستقبل.
وسيشارك في الحفل أوركسترا ضخم بقيادة المايسترو ناير ناجي، بمشاركة مئات العازفين والمطربين من داخل مصر وخارجها، في مشهد يوحد بين الفن والتاريخ والعظمة الوطنية.
على مدار أكثر من ثلاثين عامًا، صنع هشام نزيه هوية موسيقية فريدة تُشبه ملامح مصر ذاتها — عميقة، قوية، ومتجددة. حصد خلال مشواره العديد من الجوائز المحلية والعربية، من بينها جائزة الإنجاز الإبداعي بمهرجان القاهرة السينمائي عام 2021 عن مجمل أعماله.
وفي كل لحن جديد، يثبت أن الموسيقى ليست مجرد خلفية للأحداث، بل القلب النابض للصورة والروح التي تمنحها الحياة.
ليست موسيقى هشام نزيه في افتتاح المتحف المصري الكبير مجرد أنغام تُعزف، بل رسالة فنية تُخاطب وجدان العالم بلغة الفن الأرقى.
إنها ليلة تُسطر فصلًا جديدًا من تاريخ مصر — ليس فقط في الحضارة والآثار، بل في الثقافة والإبداع والهوية الفنية.
وبين صدى الأهرامات وأنغام الأوركسترا، سيبقى اسم هشام نزيه محفورًا كصوت مصر حين تتحدث عن نفسها بالموسيقى.
