بث تجريبي

صفقة "بوينغ" تتقدّم | إردوغان – ترامب: "البزنس" أولاً

حقّق الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أخيراً ما كان يحلم به منذ 6 سنوات، وهو اللقاء مع نظيره الأميركي، دونالد ترامب، في البيت الأبيض، بعدما رفض الرئيس السابق، جو بايدن، استقباله أو حتى عقد لقاء رسمي ثنائي منفرد معه.

وكان إردوغان ذهب إلى نيويورك وواشنطن محمّلاً بورقتين كبيرتين أمكن له بهما أن ينتزع من ترامب موعداً: الأولى صفقة لشراء تركيا أكثر من 200 طائرة "بوينغ" لنقل الركاب وإلغاء الرسوم التي فرضت على بعض المنتجات الأميركية عام 2018، والثانية إسقاط النظام السابق في سوريا وتنصيب أحمد الشرع الموالي لتركيا مكانه.

وسبق ذلك رفع الستار من قبل زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، أوزغور أوزيل (في قصر "دولماباهتشه" في 18 أيلول الجاري)، عن لقاء إردوغان بنجل ترامب، دونالد جونيور، والذي اتُفق فيه على شراء تركيا 200 طائرة "بوينغ"، وربما أكثر، وهذا ما جعل انعقاد القمة ممكناً. لكن إردوغان أراد أيضاً من ترامب العديد من المطالب التي لن تتحقّق فوراً، ولكن يمكن القول إنها ستأخذ طريقها إلى البحث وربما التنفيذ.

وفي الكلمات المشتركة للرئيسين قبل القمة وبعدها، كانت مطالب تركيا واضحة وتتركّز في نقطتين: شراء طائرات "أف 16" و"أف 35" الحربية، ورفع العقوبات العسكرية عن الصناعات الدفاعية التركية. ويُفهم من كلام ترامب أن المحادثات ستتواصل بالنسبة إلى المطلبين المذكورين أملاً في التوصل إلى نتائج إيجابية، وإن ربط ترامب ذلك بوقف تركيا استيراد النفط والغاز الطبيعي من روسيا. وهذا الأمر بالطبع غير وارد لدى إردوغان الذي يسعى لتكون بلاده في موقع المحايد في الصراع الروسي مع الغرب.

وإضافة إلى صفقة طائرات النقل، وقّع الجانبان على اتفاقية تعاون في المجال النووي تلحظ إقامة مفاعلات نووية للأغراض المدنية في تركيا، إضافة إلى أخرى تنص على أن تستورد تركيا من الولايات المتحدة 70 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال خلال العشرين سنة المقبلة، أي بمعدل 4 مليارات متر مكعب سنوياً، وبما يوازي 7% من الاحتياجات التركية إلى الغاز، والتي تُقدّر سنوياً بـ53 مليار مار مكعب، وهو ما فُسّر بأنه محاولة لتخفيف اعتماد تركيا على الغاز الروسي.

المعارضة التركية تستغل إشكاليات في القمة لمهاجمة إردوغان

أما الملف السوري، فتولى الحديث في شأنه المبعوث الأميركي إلى سوريا، والسفير في تركيا، توماس برّاك، الذي قال إن "ترامب وإردوغان يحبان بعضهما البعض. ويدرك ترامب أهمية تركيا لسوريا في المنطقة". وبالنسبة إلى غزة، لم يُشر إلى ملفها لا ترامب ولا إردوغان، لكن الأخير قال للصحافيين في طريق عودته الى تركيا إن "ترامب كان صادقاً في رغبته في وقف النار في غزة، وهو أدرك أنه لا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه"، مضيفاً أن "المواقف بشأن غزة كانت متطابقة".

لكن المحادثات بين ترامب وإردوغان لم تخل من إشكاليات، إذ قال إردوغان، في حوار تلفزيوني، إن ترامب دعا إلى وقف الحرب في أوكرانيا وفي غزة، ولكن أياً منهما لم يتحقق؛ وهو ما اعتبره وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إساءة إلى ترامب. وقال إن "الجميع يتحدثون كما يشاؤون وعند المساء يطلبون من ترامب حل الأمور، بل يتوسلون لمصافحته ولو لخمس دقائق".

أما التصريح الإشكالي الثاني فكان لبراّك الذي قال إن "ترامب يرى أن تركيا بلد ديمقراطي مع شيء من الاستبداد. وأميركا يجب أن تعطيه المشروعية". وأثار هذا الموقف ردود فعل على مقلب المعارضة التركية، حيث قال رئيس حزب "المستقبل"، أحمد داود اوغلو، إن "الشعب التركي هو الذي يعطي المشروعية للرئيس وليس ترامب أو أي أحد آخر. وعلى إردوغان أن يقول لترامب ما يستحق الموقف". وقال مسؤوال العلاقات الخارجية في حزب "الشعب الجمهوري"، إيلهان أوزغيل، بدوره، إن "تصريحات برّاك تعني أن إردوغان في وضع صعب في الداخل، ومن دون دعمنا لن يبقى في السلطة".

كذلك، أشار ترامب، قبل دخول الاجتماع مع إردوغان، إلى واقعة إطلاق سراح القس اندريه برونسون عام 2018 وأهميتها التي لا تنسى، مع العلم أن الرئيس الأميركي حذّر نظيره التركي حينها من أن الاقتصاد التركي سيُدمّر إذا لم يُطلَق سراح القس. وعلّق نائب رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، محمد علي بشارير، على ذلك بالقول إن تذكير ترامب بالواقعة "أمر مخجل لإردوغان، ويعكس كذب الأخير حول وجود قضاء مستقل في تركيا وأن تركيا دولة قانون". وقال إن "ترامب يتحرّك ويملي ما يريد فيما زعيم القرن (إردوغان) يلوذ بالصمت".

قد يهمك