توجّه محامو مكتب العصر الحقوقي (أسْرِين)، اليوم الاثنين، إلى جزيرة إمرالي لعقد لقاء مع عبد الله أوجلان، في خطوة تأتي للمرة الأولى منذ 6 سنوات، كتعبر عن العزلة المطبقة المفروضة عليه.
ويضم الوفد القانوني كلاً من: جنكيز يوركلي، رازيا أوزتورك، وإبراهيم بيلمز.
الأولى منذ 6 سنوات
وكان المحامي أوزغور فائق إرول، من المكتب ذاته، قد شارك في اللقاء الذي عُقد بتاريخ 27 فبراير مع أوجلان إلى جانب كل من عمر خيري كونار، حملي يلدرم، ويسي أكتاش.
يُذكر أن آخر زيارة سُمح بها لمحامي المكتب إلى إمرالي تعود إلى 7 أغسطس 2019، حين التقى كل من ريزان ساريجا ونوروز أويسال بالقائد عبد الله أوجلان.
نداء السلام
ويأتي هذا في ظل عملية السلام في تركيا مع المكون الكردي، والتي دخلت مرحلة غير مسبوقة مع إطلاق أوجلان مبادرته الشهيرة "نداء السلام والمجتمع الديمقراطي" في فبراير الماضي، في ضوء فلسفته التي تشكل أساساً للحركة السياسية الكردية، وكونه صاحب رؤية عابرة للحدود ترتكز على السلام، والديمقراطية، وحل القضية الكردية عبر الحوار.
وفي السنوات الماضية، كثيراً ما شدد أوجلان، الذي يقضي قرابة 27 عاماً في سجن إمرالي، عبر رسائل نادرة نقلها محاموه أو نواب سابقون، على أن مستقبل تركيا والمنطقة لن يكون مستقراً من دون الاعتراف بالتعددية الثقافية والسياسية.
وبرزت في هذا السياق وثيقته الشهيرة حول "النداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي"، التي دعا فيها إلى تجاوز الصراع العسكري، وإرساء قواعد شراكة سياسية بين مكوّنات الشعب التركي والكردي.
ونداء أوجلان للسلام تعود جذوره لأول مرة بشكل موسع إلى احتفالات نوروز عام 2013، مثّل لحظة مفصلية في تاريخ الصراع الكردي – التركي. فقد دعا القائد الكردي حينها إلى وقف إطلاق النار وسحب المقاتلين من الأراضي التركية، مؤكداً أن "زمن البنادق قد ولّى، وحان وقت السياسة والديمقراطية".
جوهر هذا النداء ارتكز على مفهوم "المجتمع الديمقراطي"، الذي صاغه أوجلان كبديل للنظم السلطوية والمركزية، قائم على اللامركزية، والإدارة الذاتية، والمساواة بين الجنسين، وحماية البيئة.
وهذه الأفكار لم تبقَ مجرد شعارات، بل تحولت إلى أساس تجارب سياسية وإدارية في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث طُبّقت نماذج من "الإدارة الذاتية الديمقراطية" استلهمت بشكل مباشر أفكار أوجلان.
دفعة كبيرة
لكن دعوة أوجلان للسلام اكتسبت دفعة كبيرة عندما أطلق المبادرة الأهم في فبراير الماضي، ثم استتبعتها قرارات مؤتمر حزب العمال الكردستاني الشهيرة في مايو عندما أعلن الحزب حل هيكله التنظيمي، استجابة للمبادرة، ثم فعالية السليمانية الرمزية التي أتلف خلالها عشرات المقاتلين من الحزب أسلحتهم؛ كبادرة لإثبات جديتهم في عملية السلام.
وقبل أسابيع أعلن عن تشكيل لجنة برلمانية للحوار والنقاش حول عملية السلام، لكن لا تزال هناك العديد من علامات الاستفهام حول موقف النظام التركي، وعدم اتخاذه خطوات أكثر إيجابية لإنجاح المسار، لا سيما ما يتعلق بالحرية الجسدية لأوجلان الذي يخضع لعزلة مطبقة، ما أثار انتقادات واسعة حول موقف الحكومة.
البعد السياسي والإقليمي
وتسير هذه المرحلة بشأن العلاقة مع الكرد في تركيا في وقت حساس تشهد فيه البلاد تصاعداً في التوترات السياسية الداخلية، خصوصاً مع المعارضة حول ملفات الحريات وحقوق المكونات، فضلاً عن تحديات إقليمية تتعلق بالحدود السورية والعراقية، وكذلك أطماع.