بث تجريبي

حين يتحول التحدي إلى رسالة أمل .. مريم فؤاد أيقونة بحرينية من ذوي الهمم

في واحدة من اللحظات المؤثرة التي جمعت بين الثقافة والإنسانية، شهدت القاهرة وتحديداً قاعة محمد حسنين هيكل بنقابة الصحفيين المصرية مؤخراً، تدشين الطبعة الثالثة من كتاب "حبيبتي ابنتي .. سميتها مريم"، الذي يروي فيه الدكتور فؤاد صالح شهاب حكاية ابنته مريم وهي من ذوي الهمم ورحلة الأسرة مع التحدي والإصرار.

الكتاب لم يكن مجرد صفحات توثق تجربة شخصية، بل كان شهادة حيّة على أن الإرادة والحب قادران على تحويل الألم إلى قوة، والتحدي إلى نجاح. فقد واجهت مريم ظروفاً خاصة منذ ولادتها، لكنها ومع دعم أسرتها، حولت تلك الظروف إلى دافع للتعلم والتقدم، لتصبح اليوم صوتاً معبراً عن ذوي الهمم في البحرين وخارجها.

يرصد الكتاب قصة كفاح أسرة واجهت بصبر وحب تحدياً قاسياً فرضه القدر، فحولته إلى مصدر إلهام وقوة. الكتاب ليس مجرد سيرة، بل هو شهادة حيّة على أن الإرادة الصادقة قادرة على كسر الحواجز، وأن الحب حين يشتدّ يصبح السلاح الأقوى في مواجهة أقسى العقبات.

يوثّق الكتاب نضال أب وأم وابنتهما مريم، التي حملت معها تحدياً سمعياً لم يكن يعني يوماً العجز، بل كان دافعاً لتفجير الطاقات الكامنة. من خلال لغة صادقة وأسلوب إنساني رشيق، يصحبنا المؤلف –الأب– في رحلة مفعمة بالواقعية، نرى خلالها مريم وهي تكبر، تحلم، تناضل وتنجح، فيما تتحول الأسرة كلها إلى مجتمع صغير متماسك، قوامه الحب والدعم والإيمان.

اللحظة الأبرز كانت حين تحدثت مريم بنفسها أمام الحضور، مؤكدة أن ذوي الهمم لا يبحثون عن الشفقة، بل عن الفرص التي تمكنهم من إثبات قدراتهم والمشاركة الفاعلة في المجتمع. بكلماتها الصادقة بعثت برسالة عميقة أن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسد، بل في نظرة المجتمع الضيقة التي تقيد الطاقات وتغلق الأبواب.

هذه القصة الإنسانية، التي بدأت من بيت صغير يواجه تحدياً صعباً، سرعان ما تحولت إلى رسالة عامة تدعو لتغيير النظرة إلى الأشخاص ذوي الهمم، من كونهم عبئاً يحتاج إلى مساعدة، إلى كونهم طاقات كامنة يمكن أن تصنع الفارق إذا ما أُتيحت لهم المساحة.

قصة مريم ليست حكاية فردية فحسب، بل مرآة لمجتمع يحتاج إلى إعادة النظر في كيفية تعامله مع أفراده جميعًا. فهي تقول لنا جميعاً إن القيم الحقيقية لا تُقاس بما نملكه من مبان شاهقة أو تقنيات حديثة، بل بقدرتنا على احترام أضعف من فينا وتمكينهم من أن يكونوا شركاء في صناعة المستقبل.

قد يهمك