من قلب الأسئلة الكبرى التي تؤرق الشرق الأوسط، يطل محمد جمعة آلا ممثل الإدارة الذاتية في جنوب كردستان بكتابه "اللعنات الست.. أو في نقد المركزيات"، الصادر عن دار نفرتيتي للنشر في القاهرة مؤخراً، ليقود القارئ في رحلة فكرية جريئة نحو تفكيك المفاهيم التي تحكم واقع الإنسان وتقيّد حريته.
في هذا الكتاب، لا يختبئ المؤلف خلف العناوين المألوفة، بل يضع يده مباشرة على ما يسميه "اللعنات الست": الدولة، الهوية، الإيديولوجيا، العداوة، التاريخ، والسياسة. ستة مفاهيم يرى أنها تحاصر الإنسان الشرق أوسطي منذ قرون، حتى غدت جزءًا من قدره اليومي.
يقول آلا: "قسمت الكتاب وفق هذه اللعنات، لا إلى فصول، لأننا نعيشها جميعًا، وكأننا داخل دائرة لا فكاك منها".
ومن خلال لغة نقدية عميقة، يحاول المؤلف أن يكشف كيف تحولت هذه المفاهيم من أدوات لتنظيم الحياة، إلى قيود تشدّ المجتمعات إلى الخلف، وتغلق أمامها أبواب التغيير.
الكتاب ليس بيانًا سياسيًا ولا وصفة للإصلاح، بل دعوة مفتوحة للتفكير الحر، وإعادة النظر في المسلمات التي ورثناها. إنه رحلة بين التاريخ والفكر، بين الأسئلة المقلقة والأجوبة المؤجلة، يكتبها آلا بروح المثقف الذي يعرف أن تحرير العقل يبدأ بكسر الأصنام الفكرية.
يمثل "اللعنات الست" إضافة نوعية للمكتبة العربية، لأنه يفتح نقاشًا شجاعًا حول قضايا مسكوت عنها في الفكر والسياسة والثقافة. وبقدر ما يكشف من قيود راسخة، فإنه يمنح القارئ فرصة للتساؤل: هل يمكننا إعادة صياغة علاقتنا بالدولة، بالهوية، وبالتاريخ؟ وهل نستطيع أن نفك أسر العقل من الإيديولوجيا والعداوة والسياسة الضيقة؟ محمد جمعة آلا لا يقدم أجوبة نهائية، بل يضع بين أيدينا مرآة صادقة، علّنا نرى من خلالها ملامح الطريق نحو أفق أرحب للحرية والوعي.
من زوايا العالم