في ظل تصاعد العنف والتصعيد العسكري الأخير منذ 13 يوليو الجاري في مدينة السويداء، يروي نازحون من ريف المدينة يقطنون اليوم داخل مراكز الإيواء في المدينة لوكالة أنباء هاوار، مشاهد مروّعة عاشوها خلال الهجوم الذي أدى إلى مقتل أكثر من 1120شخصاً.
شذى زيدان، إحدى الناجيات، تروي ما جرى بمرارة، قائلة: "اضطررت للفرار بأطفالي الأربعة، بعد أن حرقوا منزلي وهدموه بالكامل".
وأضافت: "ليست هذه المرة الأولى التي أُجبر فيها على مغادرة منزلي، لكن هذه المرة خرجت دون أحمل معي أي شي، حتى ثمن رغيف الخبز لم أكن أملكه، بقينا في الشارع دون مأوى، ننتظر المجهول".
وتابعت: "من ارتكب هذه الجرائم ليس من العشائر كما يُقال، بل مجموعات تابعة للأمن العام، دخلت من طرق فرعية ونفّذت عمليات تهجير وحرق ممنهجة للمنازل، لم يبقَ سوى منازل مهجورة وأخرى محروقة".
يوسف الحلبي، من بلدة الثعلة، ويقيم الآن في مركز الإيواء، يؤكد الرواية ذاتها: "أحرقوا بيتي، وأخذوا ابني، لا فرق إن سمّيتهم الهيئة أو الأمن أو العشائر، فالمسمى واحد: عصابات تكفيرية جاءت بمخطط لإبادة الأقليات. استخدموا دبابات ومسيّرات وآليات ثقيلة، وقالوا إنهم عشائر بدو، لكن الحقيقة أنهم ميليشيات منظّمة تنشر الدمار، وتحرق وتنهب وتذبح وتحلق الشوارب...، أي إنسانية هذه؟ هل هذه الجهات هي من ستبني الدولة؟".
إيفان ديب، امرأة علوية من الساحل، تقيم في السويداء منذ 27 عاماً، تتحدث من داخل مركز الإيواء أيضاً، بعد أن فُجعَت بسرقة منزلها في بلدة الثعلة: "يقع منزلي خلف الجامع، اقتحموه بعد سماعي التكبيرات. سرقوا الذهب والمال والموبايل واللابتوب. أنزلوا الرجال من البناية، وقتلوا أحدهم بالسيف، وأهانوا الآخرين بالضرب، حتى أنهم حاولوا الاعتداء على زوجة أحد السكان، لكنه أعطاهم كل ما يملك مقابل أن يتركوا زوجته".
طفل صغير كان شاهداً على الرعب، روى وهو يرتجف من الخوف ما مرّ به: "عندما سمعت أصوات التكبير والنيران والقذائف، اختبأت في غرفة معتمة لأربعة أيام بلا طعام".
ما ذنب الأطفال؟ وما ذنب النساء والرجال العزّل؟ أسئلة مؤلمة يطرحها من تبقّى من أهالي السويداء، ممن نجوا من التصعيد العسكري الأخير، لكنهم يحملون في قلوبهم جراحاً لا تندمل.
وشهدت مدينة السويداء منذ 13 يوليو، معارك دامية، بين مسلحين تابعين لقوات الحكومة الانتقالية في سوريا، وتخللتها انتهاكات جسيمة شملت الخطف والنهب وحرق منازل ومحال تجارية.