مع تفاقم النزاعات حول اليابان، والتحالفات التي تتشكل في القارة الآسيوية بين الصين (العدو التقليدي) وكوريا الشمالية وروسيا، حذّر الزعماء اليابانيون المتعاقبون من أن تايوان قد تصبح أوكرانيا التالية. وأن الرئيس الصيني شي جين بينج قد يتبع حليفه الروسي فلاديمير بوتين.
ويلفت تقرير لصحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية إلى أنه في طوكيو، تعمل الحكومة حاليًا على دفع أكبر عملية حشد عسكري منذ الحرب العالمية الثانية، ومضاعفة ميزانية الدفاع بحلول عام 2027 وتوسيع القدرات التشغيلية لقوات الدفاع الذاتي اليابانية بشكل كبير.
ومنذ عام 2016، تستضيف جزيرة "يوناجوني"، الواقعة على بُعد 100 كيلومتر فقط من أكبر بؤرة صراع محتملة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قاعدة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية، تضم الآن نحو 250 فردًا.
وخلال التدريبات الأمريكية اليابانية المشتركة أواخر العام الماضي، والمعروفة باسم "السيف الحاد"، شاركت الحامية المحلية لأول مرة فيما يُسمى "تدريبات الوقاية من الكوارث" مع القوات الأمريكية، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها استعدادات في حال تعرض تايوان لهجوم.
قاعدة عسكرية ياباينة في جزيرة "يوناجوني"
حسب "ذا إندبندنت"، تضمنت التدريبات هبوط وإقلاع طائرة "أوسبري" أمريكية الصنع لأول مرة، التي ستكون حاسمة للخدمات اللوجستية في حال حدوث إخلاء فعلي على الجزيرة.
وزار وفدٌ من المسؤولين من مقاطعة "أوكيناوا" الجزيرة لمناقشة أدقّ تفاصيل عملية الإجلاء في حال غزو تايوان. وأوضحوا للسكان المحليين أنه سيتم نقلهم إلى ملاجئ في جزيرة أكبر في الأرخبيل، بينما يُنقل المصابون لتلقي العلاج في المستشفى لأن الجزيرة لا تمتلك مستشفى خاصًا بها.
في الوقت نفسه، أجرت الصين تدريباتٍ تُحاكي حصارًا كاملًا لتايوان في مناسباتٍ عديدة خلال العام الماضي، بما في ذلك تنظيم أكبر مناورات عسكرية لها منذ ثلاثة عقود على مدار أسبوع في ديسمبر الماضي.
وطوال العام الماضي، أمرت بكين بتنفيذ 3070 طلعة جوية للطائرات العسكرية عبر الخط الأوسط لمضيق تايوان، وهو رقمٌ قياسي.
وتصر بكين على أن تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي مقاطعة منشقة، وقد تعهد شي جين بينج مرارًا وتكرارًا بـ"إعادة توحيد" الجزيرة مع البر الرئيسي بالقوة إذا لزم الأمر. وتقدر الولايات المتحدة أن الصين تستعد للغزو بحلول عام 2027.
وزير الدفاع الياباني ونظيره الأمريكي
في الوقت الحالي، يتعرض التزام اليابان بدستورها السلمي، الذي تم وضعه في نهاية هزيمتها في الحرب العالمية الثانية كوعود بأن البلاد لن تتورط مرة أخرى في صراع مسلح، للاختبار من خلال نوايا الصين تجاه تايوان ونظام كوريا الشمالية الذي يطلق الصواريخ فوق البر الرئيسي الياباني. أيضًا، شمالًا، تعتبر روسيا "جارة خطيرة وغير متوقعة"، حسب تعبير الصحيفة.
كان رئيس الوزراء الياباني السابق فوميو كيشيدا قد ذكر أوكرانيا كأحد الأسباب الرئيسية لزيادة ميزانية الدفاع اليابانية إلى 43 تريليون ين (نحو 400 مليار دولار أمريكي) وقت الإعلان عنها. بما في ذلك استثمار ضخم في قدرات الطائرات بدون طيار والأسلحة اللازمة للرد على كوريا الشمالية، أو حتى شن ضربة استباقية، إذا أشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أن الهجوم وشيك.
بحسب التقارير، تستعد اليابان، لنشر أولى صواريخها بعيدة المدى، القادرة على الوصول إلى كوريا الشمالية والصين، في قاعدتين في جزيرة "كيوشو" بحلول نهاية السنة المالية الحالية في مارس 2026.
وفي وزارة الدفاع اليابانية، أوضح مسؤولون لصحيفة "ذا إندبندنت" كيف أن الخطة الخمسية التي بدأها كيشيدا، بدعم من خليفته شيجيرو إيشيبا، سوف ترفع الإنفاق الدفاعي للبلاد إلى نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027 "وهو رقم كان من غير الممكن تصوره، خاصة في وقت أزمة تكاليف المعيشة، قبل بضع سنوات فقط".
وقد استُلهم جزء كبير من الخطة من حرب أوكرانيا، بما في ذلك تكثيف هائل لبرنامج الطائرات العسكرية اليابانية بدون طيار، وهو شبه معدوم حاليًا. وصرّح مسؤولون دفاعيون بأن الحكومة بصدد اقتناء نماذج مختلفة واختبارها.
ترامب يستقبل رئيس وزراء اليابان بالمكتب البيضاوي
يتضمن أحد الأجزاء الرئيسية لخطة الإنفاق العسكري اليابانية تحديث البنية التحتية للمعدات القديمة للجيش إلى أحدث النماذج، مثل استبدال طائرات F35 من الولايات المتحدة بطائرات F15 المقاتلة القديمة.
وترغب اليابان في المضي قدمًا في المستقبل، من خلال دور فعّال في تطوير أحدث التقنيات العسكرية. وقد وقّعت اتفاقية مع بريطانيا وإيطاليا لتصميم وبناء الجيل القادم من مقاتلات الشبح بشكل مشترك، وهو برنامج يُعرف باسم (GCAP).
لكن حتى مع كل هذا الإنفاق الجديد، ستظل اليابان تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في دفاعها، وهي العلاقة التي أصبحت متوترة بسبب النهج التعاملي الذي يتبناه دونالد ترامب في العلاقات الدولية.
كان رئيس الوزراء الياباني إيشيبا أحد أوائل زعماء العالم الذين التقوا بدونالد ترامب في بداية إدارته الثانية، حيث سافر إلى البيت الأبيض في السابع من فبراير، ووصفه الرئيس الأمريكي بأنه "يقوم بعمل رائع" في قيادة "أمة قوية وفخورة".
ونهاية الشهر الماضي، زار وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث اليابان ووصفها بأنها "شريك لا غنى عنه في ردع العدوان العسكري الشيوعي الصيني"، بما في ذلك عبر مضيق تايوان.
ومع ذلك، انتقد ترامب بشدة الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة واليابان، التي تسمح بتمركز القوات الأمريكية على الأراضي اليابانية مقابل التزامها بحماية اليابان في حال تعرضها لهجوم.
واشتكى "ترامب" في تصريحات للصحفيين في البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر قائلاً: "ندفع مئات المليارات من الدولارات للدفاع عنهم. أما هم فلا يدفعون شيئًا".
وعندما سُئل عما إذا كان البيت الأبيض في عهد ترامب يحق له أن يطلب المزيد من اليابان، قال مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية إن الوضع "تغير بشكل جذري" بالفعل بعد عقود من التاريخ الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، عندما كانت اليابان تنفق عادة ما لا يزيد عن 1% من الناتج المحلي الإجمالي على قواتها الدفاعية.
من زوايا العالم
من زوايا العالم
منبر الرأي
فضاءات الفكر
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم